مقياس نجاح الصندوق الاستثماري: تحقيق نتائج أفضل من تحركات سوق الأسهم
أ.د. ياسين عبد الرحمن الجفري - - - 12/06/1428هـ
نتناول في هذا الطرح تقييما شاملا لتجربة صناديق الاستثمار السعودية من خلال عدد من الزوايا المهمة, وذلك بهدف التعرف على قناعة المستثمر المحلي بشقيه المواطن والإخوة الوافدين لنتعرف على مدى تقبل التعامل مع الصناديق وقدرتها على الجاذبية.
ويجب أن ندرك أن المدير الجيد تكون نتائجه أفضل من تحركات السوق ويحقق أداء أفضل لمساهميه مما لو قام بالعملية بنفسه. فالصناديق عادة ما تحمل المستثمر مصاريف دخول وخروج وأيضا بعضها لا يربط الربحية والأداء بالرسوم التي يتقاضها مقابل الإدارة مما يولد ضغطا إضافيا على المستثمر كما أن هناك متطلبات أخرى تؤثر في قدرة مديري الصندوق على اختيار الأصول المستهدفة من قبله.
نتناول من خلال تحليلنا إلقاء صورة عامة وتحليلية للصناديق المدارة من قبل البنوك السعودية وشركتى وساطة مالية خلال الفترة الماضية للتعرف على نتائجها من زاوية طلب المستثمرين وأداء الجهة الكلي. فعدد الصناديق المقدمة حاليا تتجاوز 192 صندوقا حسب موقع "تداول" و215 صندوقا حسب موقع مؤسسة النقد العربي السعودي وبأصول بلغت أكثر من 81 مليار ريال و457291 مشتركا ما يعكس حجما كبيرا واهتماما متزايدا في بداية الفترة ومتناقصا في نهايتها. الحاجة في السوق الاستثمارية السعودية إلى وجود وتقديم خدمة احترافية حيوية وخاصة لأداء عمل السوق المالية لتنظيم الاتجاهات الاستثمارية على الأقل.
ركزت الدراسة الحالية على تغطية فترة سنوية من 2001 ـ 2006 وفترة ربعية أقصر منها غطت آخر ثمانية أرباع متوافرة معلوماتها بهدف معرفة الاتجاهات الحالية والتي ستشكل الثقافة المستقبلية للمستثمر وبالتالي تؤثر في اتجاه القرار فيه. حيث نجد في معظم دول العالم أن الدور الملعوب من خلال صناديق الاستثمار أكبر مما يقوم به الفرد مباشرة كما أن هناك ما يبرر هذا الاتجاه ويدعمه.
المتغيرات المستخدمة
تم التطرق إلى عدد من المتغيرات بنمط سنوي وبنمط ربع سنوي لتغطية الفترة السابقة وعلى مدى خمس سنوات. وتم التركيز على عدد الصناديق والمشتركين وحجم الأصول ومصدرها. كما تم توزيعها حسب نوع الأصل ومصدره ومدى توافقه مع الشريعة وأخيرا متوسط العوائد حسب المؤسسات المالية ونوع العملة والسوق المستثمر فيها.
النمو العام السنوي
حسب الجدول رقم (1) نجد أن النمو في أعداد الصناديق أخذ معدلات نمو متذبذبة وبأكبر نمو تم في عام 2003 والملاحظ أن أعداد الصناديق في نمو إيجابي طوال فترة الدراسة. عدد المشتركين لم يسلم من التذبذب وزاد عن السابق بوجود معدلات نمو سالبة وخاصة في نهاية عام 2006 ما يعكس خروج أعداد كبيرة من المستثمرين في صناديق الاستثمار ما يعكس أزمة ثقة وهو مكمن خطورة على مستقبل السوق الاستثمارية. ولعل التغير الكبير حدث في الأصول المحلية ولكن الأصول الأجنبية شهدت هبوطا ملحوظا لأكثر من فترة ما انعكس على النتائج الكلية وخلال سنتين نموا سلبيا وإيجابيا في باقي الفترة والسؤال هل السوق أم انسحاب من قبل المساهمين في الصناديق؟ والإجابة الاثنان معا كما سيظهر من الفترة الربعية ومن خلال هبوط عدد المشتركين.
النمو العام الربعي
ربعيا وحسب الجدول رقم (2) والتي غطت الفترة من الربع الثاني عام 2005 حتى الربع الأول 2007. الملاحظ أن عدد الصناديق في تزايد وفي المقابل عدد المشتركين وخلال الأربع أرباع الأخيرة اتجه نحو التناقص بعد أن شهد إقبالا وتزايدا في الفترات السابقة من الدراسة ما يعكس عدم رضا وقبول ويضع مقولة إن المدير المحترف يجنب المستثمر خسائر وأوضاعا غير مقبولة وهو المحرك الرئيسي للخروج. ولو نظرنا بصورة أكبر لحجم الاستثمارات ونموها نجد أن مع هبوط عدد المشتركين هبطت الأصول المحلية خلال الفترة نفسها وبمعدلات مرتفعة كما أن الربع الأخير شهد هبوط حجم الأصول الأجنبية في الصناديق ما انعكس بأربع فترات هبوط في إجمالي أصول الصناديق الوضع الذي عكس توجها سلبيا من قبل نظرة المستثمرين تجاه السوق وهو تحول خطير ومؤثر وتحتاج البنوك إلى إعادة نظر في أسلوب عمل صناديقها والدور الذي لعبته لأنها تؤثر في مصدر رئيسي في السوق وفي درجة الثقة في أعمالها.
طبيعة الأصول ونموها
تعكس لنا البيانات أن أصول الصناديق تتبع أربع مجموعات هي الأسهم, السندات, أدوات النقد, وأصول أخرى متنوعة، ومتوافرة محليا وخارجيا. ونظرتنا تتناول حجم الاستثمار في هذه المجموعات ودرجة تغيرها وأخيرا معدلات النمو فيها. الملاحظ أن النمو الكلي في الصناديق المحلية باختلاف أنواعها شابته السلبية ولعدة فترات وكذلك المحلية حسب الجدول رقم (3). الملاحظ وخلال العام الأخير من الدراسة 2006 كانت الأصول سلبية في الاستثمارات المحلية الأسهم وأدوات نقدية ونما في السندات وأصول أخرى وفي الأجنبية هبط في الأسهم والسندات ونما في أدوات النقد والأصول الأخرى ما يعكس نوعا من التحرك ولكن الاستثمار في الأسهم عاني على المستوى المحلي والدولي. وبالنسبة إلى النتائج الربعية نجد أيضا السلبية غطت الكل ما يعكس ـ نوعا ما ـ نظرة سلبية تجاه الصناديق كتوجه استثماري من قبل المستثمرين وعدم الرضا واضح مقارنة باتجاهات النمو الإيجابية فالهبوط قد يكون سببه تعسر أداء وهو سلبي أو انسحاب وهو قناعة سلبية أيضا كما هو واضح من الجدول رقم (4). الملاحظ أن النظرة للصناديق من أصول محلية لم تختلف كثيرا عن الأصول الأجنبية الوضع الذي يعكس نوعا من عدم النجاح في اختيار نوعيات الصناديق ومعاناة المستثمر معها.
الأداء واتجاهات المستثمر
وتم التركيز على عدد من الأبعاد الرئيسية أهمها حصة السوق حيث نرى أن أكبر البنوك من زاوية عدد الصناديق والمفترض هو التنوع هنا بنك الرياض ثم "السعودي البريطاني" ثم "سامبا" فـ "الأهلي" وبالتالي تعد حصة الرياض الأعلى من حيث العدد وليس من زاوية الحجم نظرا لعدم توافر المعلومة المطلوبة هنا. وأكبر الشركات المالية من زاوية عدد الصناديق المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وهي خاصية يهتم بها المستثمر في السعودية هو البنك الأهلي ثم "السعودي البريطاني" ثم بنك الرياض ومن ناحية نسبة توافق الصناديق مع الشريعة نجد أن النسبة الكبيرة في عدد من البنوك وهي بنك الجزيرة وبنك الراجحي وبنك البلاد وشركة فالكم وشركة بخيت.
ولعل البعد المهم والأخير هو متوسط بعد نمو قيمة الصندوق خلال السنة وتم حساب متوسط عوائد كل الصناديق على أساس استثمار متساوي القيمة وبافتراض أنها صناديق تحقق التنوع لملاكها وبالتالي تحجيم المخاطر التي يتعرض لها المستثمر وخلال عام واحد.
خصائص أخرى
عملة الصندوق قد تكون مؤثرا رئيسيا في الدخل الحاصل وحسب التوزيع نجد أن غالبية الصناديق بالدولار الأمريكي (100 صندوق) ثم الريال السعودي (81 صندوقا) ما يعكس أن غالبية الصناديق لم تهتم بالتنويع من خلال العملات وبالتالي وخلال الفترة الماضية كان الدخل من النشاط المستثمر فيه وخسرت الصناديق خلال الفترة الماضية مصدر دخل ممكن أن يؤثر إيجابا بسبب الربط بالدولار. كما أن غالبية استثمار الصناديق كان في الأسهم وهي أكثر مخاطرة سواء محلية أو أجنبية تلتها أدوات النقد كما هو واضح من الجدول ثم السندات ما يعكس ميلا أكبر نحو المخاطرة كاستراتيجية اتبعتها الصناديق خلال الفترة الماضية.
وحسب الاستراتيجية المتبعة في إدارة الصناديق من زاوية تحقيق دخل ثابت ومضمون أو الحفاظ على رأس المال أو تنمية رأس المال أو النمو والدخل. نجد أن البنوك ركزت على استراتيجية أكثر خطورة واستثمرت في أدوات تحقق نمو مرتفع وهذا ينبع من طبيعة وطلب المستثمرين في السوق السعودية، وإلى طبيعة الاستراتيجية التسويقية ونوعية فريق التسويق والذي ربما يسأل عن سبب الانسحاب من قبل المشتركين في وقت كان يجب أن يكون الاتجاه معاكسا بسبب الظروف الاقتصادية السائدة.
مسك الختام
الملاحظ وحسب طرحنا وبالرغم من توافر الإمكانات وتوافر الرغبة لدى المستثمرين مع وجود إمكانات اقتصادية تدعم الادخار والاستثمار لكن هناك خلل في الاستراتيجية التسويقية وفي نوعية المنتجات المطروحة وعلى أسس مضاهاة المنتج مع العميل ما نجم عنه الانحرافات السابقة والسلوكيات المعاكسة. ولعل الثمن سيكون باهظا نتيجة لترف الدخل في المؤسسات المالية مما سيؤثر مستقبلا في تقبل الأفراد لتوجهات مؤسساتية وللاعتماد على مديري الاستثمار ولا حياة لمن تنادي. ولعل البعد الاستراتيجي على المدى الكلي هو الضحية في المستقبل ونرجو ألا تكون العملية علي وعلى أعدائي الداخلين الجدد في السوق.
![]()
مواقع النشر (المفضلة)