من المستفيد من حقيقة ما يجري في سوق الأسهم السعودية ؟
كما شهد السوق من خلال تداولات الأسبوع الماضي إنحسارا للثقة في السوق من قبل كافة المتعاملين وعدم وضوح الرؤية للوجهة التي سوف يسلكها المؤشر وهي في الواقع تعتبر امتدادا للحالة التي كان عليها الجميع طيلة الأسبوعين الماضيين. ويمكن إرجاع ذلك كله إلى انعدام الشفافية والإفصاح وغياب المعلومة عن حقيقة مايجري داخل السوق. كذلك شهد السوق في نهاية تداولات الأسبوع الماضي استمرار حالة الارتفاع المصطنع في قيم المؤشر في الدقائق الأخيرة من فترة التداول والتي يقوم بها بعض كبار المضاربين وبعض المحافظ والصناديق البنكية من أجل التقييم الأسبوعي لتلك المحافظ والصناديق ومن أجل أهداف أخرى. والواقع أن هذه تمثل ظاهرة غير صحية للسوق نظرا لأنه يتم من خلالها اختزال شركات السوق في ثلاث أو أربع شركات الأكثر تأثيرا في قيم المؤشر كما تم اقتصار التداول على الدقائق الأخيرة مما يثير مزيدا من الشكوك حول ماهية الأهداف والمبررات التي تقف وراء ذلك.
والواقع أن الحالة المتردية التي يمر بها السوق هذه الأيام والوضع المتأزم الذي يعيشه معظم المتعاملين يطرح العديد من الأسئلة والاستفسارات والتي يتطلب على هيئة سوق المال الإجابة عنها وتوضيح حقيقة ما يجري.
ونحن هنا نبحث عن إجابات لدى الهيئة لأن هيئة سوق المال, وكما يعلم الجميع, هي الجهة الرسمية المخولة بقوة النظام لحفظ السوق وحماية المتعاملين فيه كما أن الهيئة تستطيع الإطلاع على كل المعلومات الداخلية بقوة النظام إذا أرادت ذلك. ومن هذه الأسئلة والاستفسارات التي تبحث عن إجابات محددة ما يلي: من هو يا ترى المستفيد من حقيقة ما يجري في داخل سوق الأسهم السعودية مؤخرا؟ وهل فعلا هناك أيد خفية تعمل داخل السوق؟ وهل لدى الهيئة طريقة لرصدهم واكتشاف ألاعيبهم وخططهم الشريرة لإلحاق الأذى والضرر ببقية المتعاملين ومن ثم ضرب المصداقية والثقة بالسوق؟ والواقع أننا نعلم أن لدى الهيئة من الوسائل الرقابية التي تستطيع من خلالها أن تعرف أسماء أصحاب المحافظ الكبيرة التي تتحكم بالسوق وتوجهه للوجهة التي يريدها هؤلاء المضاربون والتي لاتتفق في مجملها مع مصالح وأهداف بقية المتداولين. كما أن الهيئة تستطيع أن تعرف من الذي يصدرأوامر الشراء في الوقت الضائع ولمصلحة من, والتي أصبحت في حكم الظاهرة في الآونة الأخيرة؟ وهل إصدارأوامر الشراء في الوقت الضائع يمثل اقتناص فرص استثمارية حقيقية من قبل مضارب محترف وبطريقة احترافية ومبتكرة أم هو في الواقع يمثل عمل مشينا وغير أخلاقي من خلال إيهام بقية المتعاملين والتدليس عليهم وايجاد انطباع مصطنع من أن السوق يرتد إرتادا إيجابيا وبالتالي دعوتهم للدخول بينما الهدف غير المعلن هو في الواقع الكسب السريع من قبل المضارب على حساب بقية المتعاملين؟.
الواقع أن مادعاني لطرح مثل هذه الأسئلة والاستفسارت هو فقط من أجل المساهمة في توعوية ومساعدة القارئ الكريم على فهم مشكلة السوق. لأنني مازلت أرى أنه لكي تتم معالجة المرض العضوي والنفسي الذي أصاب السوق والذي أشرت إليه في مناسبات عدة وتحليلات سابقة يجب أولا وقبل كل شئ محاولة فهم مشكلة السوق ومعرفة حقيقة مايجري داخل السوق. ومن هذا المنطلق فأنا هنا أركز على جزئية فهم مايجري داخل السوق لأننا في حقيقة الأمر نستطيع بمعلوماتنا ومتابعاتنا وقراءتنا الخاصة أن نفهم ونقيم مايجري خارج السوق من خلال قراءتنا للمؤشرات الأساسية والاقتصادية والأوضاع السياسية والاجتماعية المؤثرة في البلد وفي المنطقة وكذلك متابعة أوضاع القطاعات والشركات من خلال معرفة مستوى المنافسة بينها وتقييم ربحيتها ونموها المستقبلي وكذلك قراءة نفسيات وسلوكيات المتعاملين بالسوق وتوجهاتهم وقراراتهم الاستثمارية من خلال رصد أحجام وقيم التداول اليومية ومعرفة الشركات التي يستثمرون فيها. ولكن بالرغم من ذلك كله يتبقى الجزء الأكبر لفهم معادلة مشكلة السوق والتي تتمثل في فهم حقيقة مايجري داخل الصندوق الأسود (داخل السوق) والذي بالطبع لايمكن معرفته بدون مساعدة الهيئة. ولذا وبناء على كل ماتقدم فاننا نقول ان الكورة كانت ومازالت في ملعب الهيئة.
مواقع النشر (المفضلة)