كبسولة اقتصادية
الاستثمار الطويل الأجل
عبدالعزيز حمود الصعيدي
يصنف غالبية المحللين الاستثمار في الأسهم لمدة تزيد على خمس سنوات، من الاستثمارات الطويلة الأجل، وهناك من يرجح فترة تمتد لسنوات عشر أو أكثر، مع أن الأفضل هو الاستثمار لفترة 15 سنة، خاصة الاستثمار في الأسهم من ذات العوائد والنمو، في حين أن هناك فئة قليلة تميل إلى اعتبار 30 سنة هي فترة الاستثمار المثالية.
والمتابع للسوق، ومن قام برصد حركة بعض الأسهم الاستثمارية خلال 15 عاما مضت، يلاحظ أن أغلب الأسهم الجيدة ترتفع إلى أعلى سعر، ومن ثم تنخفض إلى أدنى سعر مرتين على الأقل كل 15 عاما، وهذا الواقع ينطبق على الأسهم من ذوات الأداء الجيد في مؤشرات الأداء ومجالات أخرى مثل: الأصول، نمو المبيعات، الربحية، الأداء الإداري والمالي، وكذلك الوضع التنافسي.
وقبل اتخاذ أي قرار للبدء بالاستثمار في الأسهم، يجب عمل تحليل أساسي للسهم، كما يفضل استنباط مستقبل أداء الشركة، وذلك بدراسة الماضي وعمل تحليل فني مفصل للشركة ومن ثم دمج ذلك لتمثيل الواقع والتنبؤ بالمستقبل، خاصة في مجالات: النمو في الإيرادات، في المبيعات، في الدخل، في الربحية، مع الأخذ في الاعتبار تذبذب سعر السهم، والذي هو مقياس معدل المخاطرة، كما يجب عدم إغفال المنافسين، حيث أن وجود منافسين كثر يعتبر من مسببات تعثر الكثير من الشركات وربما إفلاسها، بعد ذلك على المستثمر أن يتأكد من مستوى الأمان الاستثماري في أسهم الشركة، فإذا توافر لديه حد مقبول من القناعة بأن الشركة آمنة، وقرر الاستثمار، فإن عليه أن يضع في حساباته أن العائد من الاستثمار في الكثير من هذا النوع من الأسهم يتراوح عادة ما بين 15 في المائة سنويا إلى 28 في المائة، ويكمن سبب الفرق الكبير في المجال بين النسبتين إلى حد كبير على: فاعلية، مقدرة وحنكة من يتولى إدارة المحفظة.
فلو أن مستثمرا ليس لديه أي إلمام في سوق الأسهم، اختار إحدى الشركات الجيدة، وذلك بعد التأكد من أن الشركة تتسم بالأداء الجيد، وتصنف ضمن القائمة التي تنطبق عليها الشروط الاستثمارية طويلة الأجل، فاشترى ضمن محفظته 2000 سهم بسعر 300 ريال للسهم الواحد، فإن محصلته بعد 10 سنوات سوف تتجاوز 4,2 ملايين ريال دون احتساب أي منحة أسهم، ما يعني أن هذه المستثمر حقق عائدا بواقع 15,43 في المائة سنويا، وذلك دون أن يقوم بأي عمل من أي نوع، لم يحتج إلى مستشار مالي، ولا مساعدة من أي نوع، فقط اشترى الأسهم وانتظر 10 سنوات، لا يبيع ولا يشتري. وعلى الجانب الثاني، لو أن مستثمرا آخر بالمبلغ نفسه، اشترى نفس الأسهم، ونفس الكمية تحت نفس الظروف، ولكنه كان مراقبا ومتابعا لحركة السوق بشكل كبير، وكان يستغل فرص ارتفاع السهم فيقوم بين فترة وأخرى ببيع نصف كمية الأسهم الأصلية التي كانت لديه كلما ارتفع السهم إلى سعر مغر، ويعاود تعويض ذلك عندما ينخفض سعر السهم مرة أخرى، فيشتري بنفس المبلغ الناتج عن الصفقة التي باعها، هذا المضارب ستكون محصلته أفضل بكثير من سابقه، ربما 5,5 ملايين ريال أو أكثر ودون احتساب أي منحة للأسهم، أي أن هذا المستثمر حقق في المتوسط عائدا بنسبة 24,80 في المائة سنويا، وهذا عائد ممتاز، ومجد لمن لديه قناعة. هذا في نظري هو الاستثمار طويل الأجل الصحيح، وإن تخلله بعض عمليات المضاربة الدورية، كما في حال المستثمر الثاني.
الأسهم في قطاعات البنوك، شركات الاسمنت، وبعض الشركات الصناعية تندرج ضمن هذه الفئة من الأسهم الاستثمارية، لأنها ذات تذبذب ومخاطر منخفضة إلى متوسطة، وذات نمو جيد.
مواقع النشر (المفضلة)