لماذا خذلت هؤلاء تحليلاتهم؟
الشرق الأوسط .. سعود الأحمد *
لعلنا نتذكر، يوم أن كان المؤشر في قمة علوه، كم كانت تقديرات غالبية المحللين بعيدة عن الواقعية. يومها كان البعض من أعلام الإعلام الاقتصادي يطلقون التوقعات الجامحة كيفما اتفق. ولا زلت أحتفظ بقصاصة لأحد أصحاب الرأي المهمين على الساحة، يقول فيها (وعلى الملأ) بأن المؤشر سيصل إلى ثلاثين الف نقطة.
أما وقد وصل حال المؤشر إلى ما ترون، فإن السؤال الذي يُطرح: لماذا خذلت هؤلاء تحليلاتهم؟
ولعلنا نتذكر أنه يوم كانت قفزات المؤشر، أن السواد الأعظم كان لا يجدُ في التحليل الأساسي (المالي) ما يُشبعُ رغبته. فلم تكن القوائم المالية، وما تتضمنه من مؤشرات المصدر المحفز للبيع والشراء. يومها كانت الساحة للتحليل الفني، والذي تُركز نظرياته على تحليل سلوكيات الأفراد. وهي نظريات بُنيت في الأساس على مبادئ وفرضيات لبيئات أسواق مالية تختلف عن بيئة السوق المالي السعودي. وللأسف فقد أهمل الجميع قياس تأثيرات هذه الفروقات. فمن أهم فرضيات التحليل الفني: ـ 1 ـ أن التاريخ يعيد نفسه History Repeat Itself، وبناء عليه يمكن التقرير عن المستقبل بناءً على أحداث الماضي. وأنه وبدراسة سلوكيات الأفراد وردود أفعالهم مع حوادث العرض والطلب، يمكن التنبؤ بتوجه أسعار السوق. وهو بالمناسبة تحليل يختلف عن التحليل المالي الذي يدرس تطور أرقام الأرباح وما يتعلق بها بالسنوات الماضية بالقوائم المالية لتعطي توقعات للمستقبل.
2 ـ أن أسعار السوق لا بد لها من توجهPrices move in trends وأنه ومهما حصل من تذبذبات حادةUptrend – Downtrend or sideways فلا بد للتحليل الفني أن يحدد اتجاه أسعار السوق في أي مرحلة من مراحل تداوله. وباستخدام هذه المؤشرات تتخذ قرارات البيع والشراء.
3 ـ أن كافة العوامل والمتغيرات المؤثرة تدخل في حساب توجهات السوق Market Action Count Everything، بمعنى أن المحلل الفني على علم بجميع العوامل الاقتصادية والسياسية والبيئية والنفسية، ويستطيع قياس أثرها ليطبقه وبأثقاله التي يستحقها ليؤثر بها على ما سيخرج به من نتائج بتوقعات مستقبل أسعار السوق في صورةCharts Patterns وهو هنا مربط الفرس.
فالعوامل المؤثرة هي إما يمكن التنبؤ بها والتحوط منها ومحاولة قياس أثرها، أو يعتبر الأمر غير عادي Unsystematic Factors والنوع الثاني أحداث أو عوامل لا يمكن التحوط منها Systematic Factor وهذه مثل الأحداث المفاجئة والقرارات الحكومية التي تؤثر في السوق ولا يمكن لأحد التنبؤ بها. وعلى سبيل المثال تخفيض أسعار الوقود من الطبيعي أن يرفع أسعار أسهم الشركات التي تستخدمه كثيراً مثل الزراعيات.
من جانب آخر فإن هناك مبادئ وفرضيات عامة، منها: 1 ـ توفر بيئة عمل لسوق مالية منتظمة Organized Capital Market ومن ذلك، ففي حالة سوقنا المالية، لا بد من فصل شركة تداول الأسهم المشغلة للسوق عن هيئة سوق المال المنظمة والمشرفة عليه، وفصل مهمتي إدارة صناديق الاستثمار والوساطة لصالح المضاربين والمستثمرين عن البنوك التي يفترض أنها مصدر الإقراض.
2 ـ أن هناك أنظمة وقوانين تحمي من مختلف حالات التلاعبات بالسوق. وهناك سوابق قضائية يستند إليها القضاء في معاقبته للمخالفين.
3 ـ أن السوق تحركه ميكانيكية العرض والطلب، ويعتمد في ذلك على صناع للسوق يعول عليهم، تشغيل دورة هذه الميكانيكية بكفاءة وفعالية.
ولذلك لا يمكن تطبيق نظريات التحليل الفني، ما لم تؤخذ الفروقات بعين الاعتبار.
مواقع النشر (المفضلة)