القطاع الصناعي: الشركات الصغيرة 8 رابحة و7 بالعكس
إعداد: أ.د. ياسين عبد الرحمن الجفري - 29/05/1427هـ
يتصف القطاع الصناعي السعودي والمتداول في سوق الأسهم بتعدد أنشطة شركاته وتشتت نشاطها نظرا لانخفاض عدد الشركات التي تم طرحها في سوق المال. وعملية المقارنة نتيجة لتعدد الأنشطة تعتبر صعبة بالرغم من وجود قطاع مشترك وهو الصناعة ولكن تبقى هناك أبعاد يمكن المضاهاة والقياس من خلالها. وهذه الأبعاد المتساوية تنحصر في الربحية والإدارة التي تعتبر زاوية مشتركة مع القطاع تجعل عملية المقارنة أمرا ممكنا ومقبولا. ومن خلال استخدام المتوسط لعدد من السنوات نستطيع أن نبني القرار وليس على مشاهدة واحدة أو سنة واحدة. وبالتالي المتوسط مع توافر عدد كبير من المؤشرات يمكن أن نصدر أحكاما مقبولة على الأداء. خاصة أن الفترة تحت الدراسة التي حسبت منها المتوسطات (2003 - 2005) تعتبر من أفضل الفترات الاقتصادية لسوق الصناعة من حيث الطلب على المنتجات وحجم المشاريع القائمة والمتوقعة ومع تحسن سوق البترول.
تحليلنا سيشمل خمسة عشرة شركة صناعية تتميز بتقارب حجمها وتقارب إمكانيتها والقاسم المشترك بينها هو الربحية أو الخسارة أو في منطقة الوسط. وحتى نصل لنوع من الحكم على قدرة وكفاءة الإدارة في الشركات باستخدام مؤشرات أدائها (باستخدام المتوسطات لثلاث سنوات) خاصة أنها تعمل في مجال الإنتاج الصناعي.
أسس المقارنة
نهدف من تحليلنا هذا إلى إعطاء نوع من المفاضلة والتقييم بين الشركات العاملة في القطاع الصناعي وتحديد مصادر القوة والضعف من خلال خمس مجموعات من النسب الرئيسية وهي: الربحية والنمو (ست نسب)، التشغيل والسيطرة على المصروفات (ست نسب)، المديونية (نسبتان)، التعامل مع الاقتصاد (أربع نسب)، مؤشرات التسويق (ثلاث نسب)، النسب السوقية (ثلاث نسب). وتم احتساب المتوسط لمجموعات النسب على أساس ثلاث سنوات ليكون المؤشر عاكسا لفترة طويلة وأكثر قبولا من استخدام مؤشر واحد.
الرابحة مقارنة بالخاسرة
حسب الجدول رقم (1) نجد أن الشركات الرابحة كانت نتائجها واضحة من حيث مؤشرات الربحية التي تفاوتت من حيث الحجم والنمو, مما يؤكد بصورة قاطعة أن الفرق في الربح يمكن رده للإدارة. وللمجموعة الثانية نجد أن حجم المصروفات والسيطرة عليها بالرغم من حجم هامش الإجمالي ولكن دوران الأصول الثابتة والإجمالي هي الأفضل في مجموعة الشركات الرابحة مقارنة بالخاسرة. كذلك نسب المديونية الأقل في الشركات الرابحة من الخاسرة من حيث الحجم والمديونية. نسب السيولة والربح من مصادر أخرى ودوران المخزون توضح أيضا أسباب تفوق الشركات الرابحة على الخاسرة. توحي بيانات الشركات الخاسرة بتفوق في القدرات التسويقية من حيث نمو الإيرادات والمخزون ولكن الواقع يفصح عن غير ذلك؟ أخيرا مؤشرات السوق عكست لنا واقع الشركات الرابحة وتفوقها في السيطرة على المصروفات واستغلال الأصول, وفي النهاية تحقيق الربحية من خلال متوسطات لأرقام مؤشرات الأداء المالية. وبالتالي يمكن أن نقول إن هناك فرقا بين الشركات الرابحة والشركات الخاسرة أو على الحافة. والملاحظ أن الشركات الخاسرة لم تعكس نتائجها أداء سلبيا قويا ومؤثرا بل كانت على الحافة وخاصة فيما يختص بالربحية.
ربحية الشركات الرابحة
حتى الشركات الرابحة نجد أن هناك تباينا فيما يختص بالربحية حيث عكست كل من الجبس وزجاج والخزف مؤشرات ونتائج قوية, وانعكست النتائج في صافي الربح وعوائد الأصول وحقوق الملاك ونسب النمو, وفي ذيل القائمة نجد الزامل والكيميائية. الملاحظ أن نسب النمو تعكس وضعا قياسيا في كل الشركات الرابحة ودون استثناء مما يعكس حجم التحسن الذي يعيشه القطاع ككل.
ربحية الشركات الخاسرة
الملاحظ أن الأفضل هنا "سيسكو" التي كانت في منطقة الوسط و"أميانتيت" وفي المؤخرة نجد "الغذائية" و"المتطورة" في كافة مجموعة الشركات. وتبقى نسب النمو في الشركات جيدة إلى حد ما على الرغم من وضع الربحية وفي بعض الشركات. وبحق كان التصنيف واضحا في التمييز على مستوى الفترة الماضية ولكن هناك شركات مثل سيسكو يتوقع لها مع بداية تحرك مشاريعها أن تترك القائمة إلى القائمة الأخرى ولكن هناك من اعتبروا وما زالوا سكان دائمين لهذه القائمة ولا يتوقع انتقالهم ويشفع لهم تاريخهم الطويل القاتم ومحلك سر.
المصروفات والتشغيل
حسب جدول الشركات الرابحة نجد أن الأفضل سيطرة وقدرة على التشغيل هنا هي الجبس وزجاج وأنابيب وفي المؤخرة أيضا الأحساء وكيميائية. ويلاحظ أن الشركات استطاعت الاستفادة بصورة واضحة من تشغيل أصولها دون استثناء. وفي المقابل انخفضت قدرة الشركات الخاسرة على السيطرة على المصروفات وارتفعت بصورة واضحة كما هو وارد في الجدول. وانخفض دوران الأصول فيما عدا صدق والكابلات التي حققت نتائج مرتفعة وفي ظل الخسائر وارتفاع المبيعات يجعل الفرد يتعجب حول أسباب استمرار الوضع عما هو عليه.
المديونية بين الخاسر والرابح
تفاوتت نسبة المديونية فهي أقل ما يكون في "زجاج" و"فيبكو" و"الجبس" وأعلى ما تكون في "الزامل" و"أنابيب" حيث بلغت معدلات مخيفة من حيث الحجم ولكن في ظل الانفتاح الاقتصادي وربحية الشركات يمكن تحملها. وفي المقابل نجد أن الشركات الخاسرة حققت نتائج منخفضة في المتطورة وسيسكو ونتائج مرتفعة ومؤثرة في أميانتيت وصدق والكابلات مما يوضح لنا حجم التأثير السلبي على الربحية نتيجة لحجم التمويل وارتفاع المصروفات.
السيولة وتوجيهها
الملاحظ ارتفاع السيولة في "زجاج" و"فيبكو" وانخفاضها في شركات مثل الجبس وأنابيب وفي نفس الوقت نجد أن الأرباح من مصادر أخرى مرتفعة في زجاج (نشاط في شركة زجاج أخرى) وفي الأحساء وانخفض في شركات مثل فيبكو والجبس وهو نوعا ما إيجابي لها. كما أن أفضل معدل دوران مخزون في الجبس وفيبكو. وترتفع السيولة في المتطورة وسيسكو وتنخفض في أميانتيت والكابلات والجميع يدعم ربحه من مصادر أخرى ما عدا أميانتيت. الفرق واضح إلى حد ما في هذا الجزء الذي يجب أن ينخفض في الظروف الاقتصادية الجيدة نظرا لأن ربحية الشركات من أصولها هي الأعلى والأفضل وليس من الاستثمارات كما يرى البعض.
مؤشرات السوق والتسويق
وتشمل المجموعتان الأخيرتان من المؤشرات المقاسة, حيث نجد أن نمو الإيرادات والمخزون عامل مشترك بين الشركات الرابحة والخاسرة والفضل للوضع والاتجاهات الاقتصادية. ولعل الأكبر نموا "زجاج" و"الأحساء" و"الكابلات" و"الخزف" و"المتطورة" مما يعكس لنا أن هناك تحسنا في قدرة الشركات على تنمية إيراداتها. ربحية السهم والقيمة السوقية للدفترية والربح الموزع كان الأفضل في الشركات الرابحة كل من "الجبس" و"زجاج" و"الخزف" والأقل "كيميائية" و"فيبكو". وفي الشركات الخاسرة نجد الأفضل في "سيسكو" و"المتطورة" و"أميانتيت" والأسوأ في "الكابلات" و"الغذائية".
ما هي العبرة؟
يقال إن العبرة بالخواتيم والربح هو السطر الأخير الذي ينظر إليه وهو بلا منازع يعكس لنا كفاءة الإدارة وخاصة لفترة تمتد لثلاث سنوات. وبالتالي هناك واقع واضح وهو مراعاة الربحية وقدرة الشركة على تنميتها وباقي المؤشرات الأخرى في الحكم والاختيار حتى يكون القرار واضحا وصريحا ونبتعد عن القرارات العشوائية. ولعل جزءا من المسؤولية في السوق حذف عن مجالس الإدارة وعن الإدارة التنفيذية وعدم قيامها بدورها الصحيح بسبب أنشطة ربما يسأل بعض من في المجالس عنها. ولكن وعلى المدى البعيد وبعد انكشاف المستور أصبح لزاما أن تكون هناك محاسبة ولا ينظر للسعر بعيدا عن مؤشرات الأداء, فالعبرة بالنهاية والإدارة مسؤولة عن الأداء وقيمة السهم في السوق.
مواقع النشر (المفضلة)