الأهمية الإستراتيجية للبترول العربي
إن الارتباط الوثيق بين البترول من جهة و الاقتصاد والنقل وفاعلية القوات المسلحة من جهة أخرى جعل الأمن الوطني بشتى مجالاته الاقتصادية و الاجتماعية والعسكرية مرتكزا على الأمن البترولي وقد ترتب على هذه الميزة الإستراتيجية أن أصبح البترول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية جزءا لا يتجزأ من العلاقات الدولية وأحد المتغيرات الكبرى التي تقوم بدور فاعل في صراع القوى العالمي، فإذا كان البترول بصورة عامة يتمتع بهذه الميزة الإستراتيجية المهمة فإن البترول العربي يتميز بخصائص إستراتيجية إضافية جعلت منه محط أنظار العالم حيث يتوسط الموقع الجغرافي للدول العربية المصدرة للبترول أكبر الدول المستوردة لهذا السائل كاليابان وأوروبا الغربية شرقا والولايات المتحدة الأمريكية غربا إلى جانب قربه من دول الاتحاد السوفيتي السابق وأفريقيا.
ومما يزيد من أهميته وجود المضايق والممرات البحرية وتشكل قناة السويس الممر البحري الذي يمر عبره جزء رئيسي من إنتاج بترول إيران, العراق, الكويت, البحرين, السعودية, قطر, الإمارات, سلطنة عمان أي نصف الأطنان المصدرة من المنطقة باتجاه البلدان الصناعية، أما مضيق هرمز فهو بوابة العبور المائية الضيقة إلى منطقة الخليج العربي حيث تمر عبره ناقلة بترول كل 11 دقيقة تقريبا 1 من وإلى الخليج العربي وعن طريقه يتدفق ثلثا إمدادات العالم من البترول أي 90% من حاجات اليابان و 70 % مما تحتاجه السوق الأوروبية المشتركة و 50 % من استهلاك الولايات المتحدة الأمريكية هذا بالإضافة إلى أنابيب البترول التي تربط الحقول البترولية في كل من السعودية والعراق بشواطئ البحر الأبيض المتوسط.
إن أهمية الموقع الجغرافي للبترول العربي تعني من الناحية الاقتصادية سهولة نقله وقلة تكاليفه كما تعني من الوجهة الإستراتيجية أن منطقة الشرق الأوسط وقلبها المنطقة العربية هي بمثابة خزان احتياطي هائل للبترول يمكن الاعتماد عليه سواء في حالة الهجوم على آسيا (نقطة الضعف الحقيقية في روسيا) أو في حالة الدفاع والهجوم في آن واحد بالنسبة لأوروبا الغربية ومنطقة الأطلسي كما يمكن الاستفادة منه للدفاع عن أواسط أفريقيا الغنية بالثروات المعدنية خاصة مادة اليورانيوم المرتبطة بالصناعة النووية.
هنالك خصائص أخرى تتميز بها آبار البترول العربية ولها قيمة إستراتيجية مهمة فهي تنتشر في مناطق صحراوية لا تبعد كثيرا عن البحار ما يعني إمكانية استغلالها بسهولة والدفاع عنها في حالة الحرب والنزاعات بواسطة القوى البحرية كونها بعيدة عن الأماكن ذات الكثافة السكانية أما الآبار التي توجد في المياه الإقليمية فقد جعلت من البترول العربي سلعة صالحة للنقل البحري المباشر دون مواجهة عقبات خصوصا إذا تعرضت أنابيب البترول وطرق المواصلات البرية لأعمال تخريبية.
مواقع النشر (المفضلة)