كبسولة اقتصادية
استثمار 4000 ريال شهرياً لمدة 10 سنوات تنمو إلى 4 ملايين
عبدالعزيز حمود الصعيدي
من أكثر الأسئلة التي ترد إلى هذه الصحيفة، ما التوقعات على المدى المتوسط إلى الطويل لمستثمر في الأسهم السعودية؟ عشر سنوات إلى السنوات ال 30 المقبلة، وهل الاستثمار في هذا الوعاء الاستثماري، الأسهم، ذو جدوى اقتصادية؟ والجواب عن السؤال الأول يكمن في المثالين التاليين، وأما جواب السؤال الثاني فهو بنعم.
المثال الأول، هو لمستثمر اشترى 1000 سهم في أحدى الشركات القيادية السعودية مطلع العام 1997، وكان سعر السهم آنذاك 185 ريالاً، وبدأ في العام 1997م نفسه بتعزيز محفظته، وذلك بشراء 20 سهما شهريا من المبالغ التي تفيض عن حاجته من الراتب،. وبعد 10 سنوات ومع إضافة أسهم المنحة والأسهم التي كان يشتريها بمبالغ الأرباح التي وزعتها الشركة عن نفس الأسهم. وإجمالا بلغ متوسط تكلفة سعر السهم 205 ريالات، وحاليا بلغت كمية الأسهم لدى هذا المستثمر 8000 سهم من الأسهم قبل تخفيض القيمة الاسمية أو 40 ألف سهم بعد تخفيض القيمة الاسمية للسهم إلى 10 ريالات، وبما أن سعر السهم حاليا يبلغ 85 ريالاً، تناهز قيمة محفظة هذا المستثمر، رأسماله هذا في هذه الأسهم، أربعة ملايين ريال، نتيجة استثماره 480 ألف ريال على مدى عشرة أعوام أو ما يوازي أربعة آلاف شهريا، أي أن هذا المستثمر حقق عائدا متوسطه 23,62 في المائة سنويا. وعند الأخذ في الاعتبار القيمة الحالية لهذه الاستثمارات يكون مردود هذا المستثمر 20,88 في المائة سنويا بناء على القيمة الحالية، وهو بهذا أحسن حالا من كثيرين تقلصت أو تلاشت أموالهم من المضاربة أو الاستثمارات العنترية في الأسهم.
والمثال التالي لعامل في إحدى الشركات الأمريكية العملاقة الذي ظل يعمل في الشركة منذ بداية السبعينيات، مطلع 1972، وحتى قضى منتصف العام 1996، أي أنه أمضى في خدمة الشركة أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً.
عندما علم أبناؤه بوفاته، ذهبوا للشركة لاستلام مستحقات والدهم التي لم تتجاوز 25000 دولار، مقابل خدمته في الشركة لنحو ربع قرن. وجاءت المفاجأة للورثة بعد ستة أشهر من وفاة والدهم عندما اتصل بأحد أبنائه شخص يبلغه أن والده كان يستثمر في أسهم الشركة ذاتها، حيث كان يشتري أسهما بمبلغ 20 دولارا كل أسبوع في أسهم نفس الشركة، وأشار هذا الصديق على الورثة بمراجعة قسم الاستثمارات في الشركة، وعند مراجعة الورثة لقسم الاستثمارات في الشركة هالهم أن يحصلوا على مبلغ 2,23 مليون دولار مقابل استثمارات والدهم في أسهم تلك الشركة خلال 23 عاما، ومنذ أن كان سعر سهمها أقل من دولار عام 1972 إلى أن وصل سعر السهم إلى 20 دولار، وهذا المبلغ الذي حصلت عليه الورثة يشمل الأسهم التي منحتها الشركة بمعدل سهمين لكل سهم ثلاث مرات خلال تلك فترة، ما نتج عنه أن نمت أسهم العامل إلى كثر من 111 ألف سهم.
والخلاصة، أن هذين المثالين وغيرهما كثير تنطبق على كثير من أسهم الشركات السعودية، فعلى المستثمر أن يبدأ باختيار الشركات من ذوات الأداء الجيد، وأن يبدأ بالاستثمار بالطريقة ذاتها، فقط عليه الصبر مع عدم الاهتمام بالتذبذب في سعر السهم، وسوف يجني النتيجة بعد خمس إلى 10 سنوات والأفضل ثلاثين عاما، عليه أن يستثمر أي مبلغ يفيض عن حاجته شهريا ويشتري أي كمية وبأي سعر، وعدم السؤال عن سعر السهم والاندفاع بالبيع كلما طرأ انخفاض في سعر السهم.
******************************************
المقال
السيولة النقدية والانكفاء عن المشاريع الصغيرة
د. سليمان بن عبدالله الرويشد
في كل مرة تطرح فيها شركة مساهمة للاكتتاب العام، يزداد استقطاب ذلك النوع من القنوات الاستثمارية للسيولة النقدية العالية المتاحة في السوق المحلي، ومع تنامي حجم رأس المال للشركات الكبيرة، تتضاءل حصة المشروعات المتوسطة والصغيرة مما يطالها من استثمارات ويسعد الجميع لو أن في تعظيم الدور لتلك الشركات توفيرا أكبر لفرص العمل أو توزيعا متوازنا للتنمية على رقعة الوطن، لكن الحقائق تؤكد بأن كثيراً مما يؤسس من شركات مساهمة تقوم على الكثافة في توظيف رأس المال لا الموارد البشرية المتاحة في استثماراتها، كما أن معظم أنشطتها تمارس في مراكز النمو التقليدية التي تحتكر هذا الدور لدينا في المملكة على مدى عقود من السنوات.
إن مما لا يخفى على المعنيين بالتنمية الشاملة بوجه عام والتنمية الاقتصادية على وجه التحديد أن المشاريع المتوسطة والصغيرة تمثل النسبة الأعلى من مجموع المؤسسات العاملة المنتجة في معظم دول العالم، حيث تتراوح ما بين 70 - 90٪ وفقاً لقوة اقتصاديات تلك الدول، كما أن مساهمتها في الناتج الإجمالي تصل إلى 50٪، إضافة لما توفره من وظائف قد تصل لنسبة 60٪ من فرص العمل المتاحة، من ثمَّ لا يختلف اثنان على أن المشروعات المتوسطة والصغيرة هي الأداء الأكثر فاعلية في نشر التنمية الوطنية على نحو أكثر عدالة وفي مكافحة الفقر وتوزيع الثروة بين المواطنين بكفاءة عالية واستدامة متصلة حين مقارنتها بما قد يحصل عليه الفرد من نصيب في أسهم الشركات التي تطرح للاكتتاب العام.
إن القبول بما عليه الحال الآن من استمرار ضخ المزيد من السيولة التي تتاح للمواطنين سواء كان ذلك مما يدخرونه في حساباتهم أو يقترضونه من البنوك التجارية وتوجيهه لتعظيم رؤوس الأموال للشركات المساهمة هو أمرٌ غير محمود على إطلاقه وبالذات على المواطن القادر على العطاء والإنتاج الذي نحمد الله أنه يتجسد في مجتمعنا السعودي بطغيان فئة الشباب على كافة شرائحه العمرية الأخرى، لذا فإن من الضرورة والأهمية بمكان عوضاً عن ذلك أن تنشأ مؤسسة متخصصة حكومية كانت أو أهلية تتولى احتضان ودعم الأفراد أو مجموعة الشركاء الذين يرغبون في إقامة مشروعات متوسطة أو صغيرة وبالذات المتميزة في أفكارها الإبداعية والمبتكرة بما يحقق إيقاف مسلسل التداعي والانهيار لكثير من هذا النوع من المشروعات التي غالباً ما يصاحب مؤسسيها نظراً لمحدودية إمكاناتهم وخبراتهم الإخفاق والفشل في السنوات الثلاث الأولى من عمر مشروعاتهم، والذي نراه واضحاً وباستمرار على صفحات الإعلان بالجرائد اليومية أو على يافطات بعض تلك المشروعات حين يعقد أصحابها العزم على تقبيلها والتخلص من تبعات الخسائر التي قد تلحق بهم جراء استمرارية إخفاقها، حيث يمكن عبر تلك المؤسسة التخصصية المقترحة العمل على ضم الجهود المتناثرة هنا وهناك مما يندرج تحت ما يُعرف بحاضنات الأعمال سواء في الغرف التجارية الصناعية أو خلافها تحت عنايتها وإشرافها، وتأسيسها كياناً متكاملاً على غرار مؤسسة SBA الأمريكية ونحوها من المؤسسات المشابهة في الدول الأوروبية والصين وكوريا الجنوبية والبرازيل، فمن خلال هذه المؤسسة المتخصصة نستطيع بحول الله أن نرشد توجيه السيولة النقدية في أيدي المواطنين على نحو متوازن في الاستثمار بالمشروعات الكبرى عبر الاكتتاب أو الشراء لحصص في الشركات المساهمة وتوجيه حصة أكبر مما هو متاح حالياً للاستثمار في إقامة المشروعات المتوسطة والصغيرة ليتمكن المواطنون من الحصول على فرص عمل أكبر، وأن تتوزع التنمية بتوازن على كافة مناطق المملكة، ونتمكن من تقليص الهجرة لمراكز الجذب السكاني التقليدية القائمة، ونسهم في تنمية مدخرات المواطنين على نحو أكثر كفاءة وفاعلية، ونعمل على خفض حجم الخسائر التي تعاني منها المشروعات المتوسطة والصغيرة الحالية، والتخفيف من حدة الفقر في مناطق المملكة، وتوسيع دائرة ما نستطيع تلبيته من احتياجات مجتمعنا من السلع والخدمات، وأخيراً وليس آخراً توفير مراكز لتدريب المواطنين بأقل تكلفة مما هو جار الآن.
مواقع النشر (المفضلة)