الأسهم السعودية تنازع قوى السوق بين الشراء والبيع بعصا «المضاربات الحامية»
أصغر 20 شركة تستحوذ على 45% من حجم تداولات الأسبوع
الرياض: محمد الحميدي
تنازعت القوى المتمكنة في تداولات سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع، عمليات الشراء والبيع بآلية المضاربة الحامية على أسهم الشركات الصغرى، تساوى على أثرها إقفال المؤشر العام بين الهبوط والصعود، وسط تخوف المراقبين من أن يكون ذلك إنذار شؤم بتكرار سلبيات الماضي والوقوع في مطب خسائر الذكريات الماضية.
وسجلت المضاربات المرتفعة في أيام الأسبوع الملاحظة الأبرز على الإطلاق لا سيما مع غياب الأنباء والمحفزات التي يمكنها أن تدعم الصعود المتتالي و«القويّ» للشركات وبعض القطاعات، مما دعا هيئة السوق المالية إلى بث تعليمات ملزمة للشركات المدرجة في ما يخص البيانات والمعلومات الواجب توفرها في إعلانات تلك الشركات على موقع تداول والتي من ضمنها الإعلانات الخاصة بالنتائج المالية وتوصيات مجالس إدارة الشركات بزيادة أو خفض رأس المال. ومن المتوقع أن يكون لتعليمات هيئة السوق المالية أثر كبير في زيادة الشفافية والحد من الإعلانات المضللة، خاصة وأن تلك التعليمات ستلزم جميع الشركات بالإفصاح عن الأرباح التشغيلية للفترة المعلنة ومقارنتها بالفترة ذاتها من العام السابق، بالإضافة إلى ذكر التأثير المالي (إيجابيا كان أم سلبيا) للخبر المُعلن.
ولعل من المفارقة أن يصاحب الإعلان تواصل عمليات المضاربة، رغم تراجعها نسبيا عن الأسابيع الماضية، وارتفاع حجم الشراء في الشركات الصغيرة والتي دائما ما تستخدم كأدوات مضاربة في السوق، وعلى وجه التحديد شركات القطاع الزراعي رغم عدم توفر محفزات أو أنباء جديدة.
ودلل على ذلك مؤشر مركز بخيت للأسهم الصغرى الذي كشف عن ارتفاع عملية الشراء في تلك الشركات إلى 42 في المائة، لافتا إلى أن شركتين في القطاع الزراعي لوحده سجلت صعودا بواقع 24 في المائة، من دون وجود أي مبررات استثمارية أو أخبار جوهرية من المتوقع أن يكون لها مردود إيجابي على الأرباح المستقبلية لهما لافتا إلى أن كلا الشركتين حققت خسائر في الربع الثاني 2006.
وأضاف التقرير أن الإقبال على أسهم الشركات الصغرى يشكل خطراً على صحة السوق، إذ استحوذت أسهم أصغر 20 شركة من ناحية الحجم السوقي على ما يقارب من 45 في المائة من قيمة التداول لهذا الأسبوع، بالرغم من أن حجمها السوقي لم يتجاوز 2 في المائة من إجمالي حجم السوق. وحذر التقرير من أن الأسهم تظل معرضة للتراجع الحاد بسبب أن أغلب ارتفاعاتها ناتجة من المضاربة العشوائية.
* المؤشر العام أقفل مؤشر تداول الأسهم السعودية نهاية الأسبوع (الأربعاء الماضي) عند 11358 نقطة، يمثل هبوط المؤشر من بداية العام إلى 32 في المائة، يأتي ذلك وسط تراجع قيمة التداول السوقي بشكل طفيف إلى 106.5 مليار ريال مقابل 107.6 مليار ريال خلال لأسبوع الماضي. وقد استحوذت أسهم «هادكو» و«الجوف الزراعية» لهذا الأسبوع على أعلى نسبة من التداول في السوق بواقع 5 في المائة لكلا منهما، ثم أسهم «الباحة» بنسبة 4 في المائة. ومن المحتمل أن يواجه السوق عدد من محطات الدعم التقريبية من أبرزها 11170 نقطة، مقابل مستويات مقاومة عند 11400 نقطة، و11730 نقطة، وفي أقصاها عند مستوى 12400 نقطة.
* البنوك كما أشارت إليه «الشرق الأوسط» في تقاريرها الأسبوعية الماضية، الى أن القطاع لن يكون محط الجذب خلال الفترة المقبلة، وهنا نستثني مصرفا أو اثنين في المستقبل، حتى القرب الوشيك من انتهاء الربع الثالث سبتمبر (أيلول) المقبل، إذ يرشح أن تبدأ عمليات التجميع الفعلية عليه، وقبلها لن يكون للقطاع جاذبية تذكر لا سيما مع انشغال شرائح واسعة من المتعاملين والمستثمرين بعمليات المضاربة.
* الصناعة تراجع هذا القطاع خلال تعاملات الأسبوع بعد تقلص كميات التداول عليه إلى 31 في المائة، بعد فترة طويلة من تصدره لأكثر القطاعات تداولا، ويعود السبب إلى التراجع الذي يستمر لكبيره وسيده سهم «سابك» الذي لا يزال سعره يسجل تراجعا في قيمته منذ بداية العام. ويمكن أن يكون القطاع خلال الأسبوع المقبل هدفا جديدا للمضاربين في استرايتجية تغيير المراكز وتحويل الأهداف حيث توجد في القطاع شركات قابلة للمضاربة.
* الإسمنت يمكن عقد مقارنة تشبيهيه لحال قطاع الإسمنت بشركاته مع حال قطاع البنوك بمصارفه، حيث أن أوجه التشابه الفنية متقاربة جدا، وعليه فإن أسهم الشركات الإسمنتية ستظل فرصة ذهبية للشراء والاستثمار قريب وبعيد المدى، ويستبعد أن يكون هدفا لعمليات المضاربة.
* الخدمات كان نجم هذا الأسبوع باستحواذه على كمية تداولات بلغت 37 في المائة، بفضل حركة المضاربة المستمرة على بعض مكوناته جذبت لها شرائح مختلفة من المتعاملين، ويرشح أن يواصل القطاع جاذبيته في المضاربة خلال الأسبوع المقبل، لكثافة عدد الشركات المتناسبة لمعايير المضاربة من قبل قوى السوق المتخصصة.
* الكهرباء استمر غياب هذا القطاع المؤثر جدا في حركة المؤشر العام، ولعل الفرصة قد تكون ملائمة حاليا لعودة الشركة العاملة فيه إلى واجهة الأسماء الأكثر تأثيرا على التحليل لقراءة مؤشرات السوق. ولابد من الذكر هنا أن حركة المضاربات الحامية واردة أن تطال السهم، بالعودة إلى تاريخ التعاملات والاستقراء الفني لمكوناته.
* الاتصالات يبدو أن الشركات العاملة في هذا القطاع ستكون وجهة استثمارية، ولن تشهد حركة التداول على القطاع ديناميكية بدون محفزات أنباء جديدة عن الشركتين العاملتين فيه أو قرب الإعلان عن النتائج المالية لهذا الربع.
* التأمين لم يسجل حركة تداول تذكر، والقطاع كما تم الإشارة سابقا، ملجأ استثماري حصين، ويحتاج إلى مزيد من المكونات العاملة تحت لواءه لإعطائه حيوية وتنافسية أكثر.
* الزراعة صعد نجم هذا القطاع من جديد، إذ سجل ثالث أكثر القطاعات في سوق الأسهم تداولات خلال الأسبوع، بنسب 25 في المائة، يرجع ذلك بوضوح إلى ارتفاع حمى المضاربات الحامية على بعض الشركات العاملة فيه وبنسب ارتفاع قوية، رفعت الجاذبية للشراء في أسهمها من قبل شرائح المتعاملين طمعا في تحقيق أرباح سريعة وقياسية في وقت محدود. ويرجح أن يواصل التداول على القطاع ارتفاعه أو البقاء في ذات المستوى خلال الأسبوع المقبل، ما لم تحدث سلوكيات غير قانونية على القوى المحركة لتلك المضاربات.
*************************************************
محللون: مستثمرون صغار يسترجعون جزءا من خسائرهم في سوق الأسهم السعودية
وسط مضاربات يصعب الحد منها
الرياض: إسماعيل محمد علي
أكد محللون ماليون ان عددا كبيرا من صغار المستثمرين الذين تعرضوا لخسائر كبيرة عقب انهيار سوق الأسهم السعودي نهاية فبراير (شباط) الماضي، تمكنوا من استرداد جزء كبير من خسائرهم عن طريق المضاربة اليومية في السوق، مستفيدين من حالة التذبذب التي مر بها سوق الأسهم السعودي لفترة طويلة، وذلك من خلال المتابعة والتركيز على أسهم شركات معينة تدور حولها إشاعات وتوصيات في منتديات الإنترنت أو صالات الأسهم وغيرها. ونوه المحللون بأنه بالرغم من إدراكهم للمخاطر الكبيرة التي قد يتعرضون لها من جراء عدم خبرتهم في أمور المضاربة، إلا أنه لم يكن لديهم خيار آخر لاسترجاع بعض ما فقدوه من أموال عند انهيار السوق، سوى خوض غمار تجربة «المضاربة»، خاصة أنهم ظلوا معلقين لفترة طويلة بدون أن يحقق المؤشر تقدما يذكر.
وأشار عدد من هؤلاء المضاربين الجدد الذين التقتهم «الشرق الأوسط» في إحدى صالات الأسهم، إلى أن تجربة المضاربة كانت مفيدة للغاية بالنسبة لهم، حيث حققوا من خلالها فوائد كبيرة، موضحين بأن مكاسب السوق السريعة والعالية في نظرهم جعلتهم يمتهنون هذه المهنة والارتباط بها بشكل كبير، وذلك في ظل انحسار القنوات الاستثمارية في المجالات الأخرى والتي تتطلب في نفس الوقت رساميل كبيرة. إلى ذلك، يرى الدكتور سليمان السكران أستاذ العلوم المالية المشارك في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن هناك عددا كبيرا من العوامل أقامت للمضاربة شأنا في السوق السعودي، منها ما هو متعلق بتاريخية السوق وتدرج بنيته، وبالتالي هيكل السوق، ومنها ما هو متعلق بالمستثمر ذاته ونسيج تركيبته. وأشار السكران إلى أن الشفافية مثلاً ورداءتها في السابق «مثل أن تمر شهور على عدم الإفصاح عن النتائج» وليس من محاسبة على ذلك، هو واحد من هذه العوامل. كما أوضح أن من أسباب تعميق المضاربة في السوق السعودي أمورا أخرى متعلقة بالسوق ذاته، فالسوق السعودي يتميز بقلة أعداد الشركات المدرجة فيه وتدني عمقه وخاصية تركز الملكية في شركاته، يضاف إلى ذلك أن الاستثمار في الأسهم هو شيء جديد على كثير من أفراد المجتمع، ولعل في ذلك تحديا آخر في فهم وإدراك معطيات مثل هذا النوع من الاستثمارات، وبالتالي معرفة كنهه. وأضاف السكران أن الهدف من السوق في الأصل هو الاستثمار وليس المضاربة، وبالتالي تنتفي منافع الاستثمار في حال تغليب المضاربة، مشيرا إلى أن الأثر الواضح يتمثل في زيادة التوتر والتذبذب وجعله سوقاً خطراً نظراً لأن القرار يبنى على معلومات غير مؤكدة مثلاً أو لصالح فئة على أخرى. ويعتقد السكران أن ثقافة المستثمر تعتبر أبرز مسببات المضاربات، ولكن أيضاً يجب على المستثمر أن يكون أكثر حصافة في اتخاذ قرارات استثماره وعلى الهيئات التشريعية أن تساعده على ذلك من خلال قوانين وإجراءات تطبق مما يعني تحجيم الأثر أو حتى إمكانية الدخول في مثل هذه السلوكات. وفي السياق ذاته، يرى المحلل المالي تركي حسين فدعق أنه على الرغم من أن للمضاربة فوائد على أسواق المال حيث أنها تحفظ توازن السوق في الاتجاهين، وخاصة في الأسواق المنظمة وتزيد من حجم السيولة المتداولة يوميا بشكل كبير، إلا أن المضاربات القائمة في سوق الأسهم السعودية لا تتماشى مع المضاربات الجارية في الأسواق العالمية، حيث أن جزءا كبيرا من المتعاملين في هذا السوق هم مضاربون عشوائيون والجزء الأقل مضاربون محترفون. واوضح فدعق في نفس الوقت أن للمضاربات العشوائية أثرا سيئا على السوق، وخصوصا على صغار المستثمرين، ويحدث ذلك عندما تتطرف الأسعار صعودا «سعر أي سهم»، إضافة إلى أنها قد تؤدي إلى هدر كبير سواء على مستوى الفرد أو على مستوى الاقتصاد، ويعتقد فدعق أنه من الصعب التحكم في الحد من المضاربة المنتشرة حاليا في سوق الأسهم السعودي من خلال اتباع أي نوع من الإجراءات، إلا بوجود بيئة مالية منظمة، خاصة أن سوق الأسهم السعودي يتجه نحو التنظيم حتى تكتمل الدائرة الاقتصادية ما بين مجموع المقرضين والمقترضين. ولفت إلى أن هيئة السوق المالية أصدرت عدة لوائح مهمة وأساسية لتطبيق أحكام نظام السوق المالية.
واضاف أن عند اكتمال هذه اللوائح، فإن آليات السوق الطبيعية هي من سيحد من المضاربة العشوائية المتفشية في السوق السعودي. كما يعتقد فدعق أن درجة تنظيم السوق ستؤدي أيضا للحد من هذه المضاربات العشوائية، مبينا أن ثقافة المستثمر تعتبر محددا رئيسيا لحل مشكلة المضاربات في السوق ولكنها ليست الوحيدة.
مواقع النشر (المفضلة)