خطأ ساذج للغاية...!
د. صالح بن سليمان الرشيد (*)
حقيقة لم أشعر بالدهشة أو الاستغراب عندما سمعت تلك القصة وهي لأخ يعاني من مشكلات مادية وتراكم الديون.
عبدالله موظف يتقاضى راتباً يكاد لا يكفي الوفاء بالتزاماته الحياتية والأسرية، ويوماً بعد يوم تزداد الأعباء المادية ويزداد معها شعوره بالإحباط والخوف من استمرار هذا الوضع مدى الحياة، ساق له القدر أحد الأشخاص ليقدم له نصيحة من تلك النصائح التي تغير مسار الإنسان وتوجهاته، نصحه صديق له بالتصدق بمعنى أن يخصص جزءاً من راتبه الشهري للتصدق على أصحاب الحاجة. بالطبع النصيحة يصعب تقبلها من شخص يعاني مثل تلك الظروف، فكيف له أن يتصدّق من راتبه وهو في الأساس يعاني من عدم وفاء راتبه بالتزاماته الأساسية وديونه التي يبدو أنها قابلة للزيادة وليس النقصان.
وفي هذه المواقف وعندما يريد الله بالإنسان خيراً يحرك له من يحثه على فعل شيء ما غير معتاد، حثته زوجته على الأخذ بالنصيحة عسى أن يفرج الله عليهم كربتهم، وبالفعل قرر صاحبنا أن يتصدق بمبلغ ثلاثمئة ريال شهرياً، ومع أول شهر بدا فيه بالتصدق ظهرت الثمرة الأولى لهذا العمل، فقد شعر بحالة من الرضا والتفاؤل لم يشعر بها منذ زمن طويل، وبعد ذلك جاءت الثمرة الثانية وهو شعور ببركة في الراتب لم يعهدها من قبل، فبدأ ينظم أولوياته طبقاً لقدرته المادية وبدأ ينظم طريقة سداده للديون وتكونت لديه رؤية كاملة بشأن كيفية الوفاء بتلك الديون في المواعيد المحددة.
لم ينتظر كثيراً حتى بدأ يقطف الثمرة الثالثة عندما فتح الله عليه باباً جديداً للرزق من خلال العمل كوسيط مع أحد أقاربه في مجال المساهمات العقارية، وبالتأكيد سينال هذا الأخ أعظم من هذا كله وهو رضا الله عز وجل ورحمته وبره، فالخالق - عز وجل - يقول: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}، وسيد البشر صلى الله عليه وسلم يقول: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
الحقيقة إنني في هذا المقام لا أود أن أستطرد في ذكر فضائل الصدقات، فجميعنا يعرف من خلال الدروس والخطب والبرامج الدينية تلك الفضائل التي يزداد ذكرها بشكل مكثف في هذا الشهر المبارك من كل عام، ولكن كل ما أطلبه من القارئ العزيز أن يفكر بشكل جديد هذه الأيام بشأن المال وإنفاقه، فهو يبحث عن السعادة التي يحققها له المال، والسعادة هي شعور بالرضا والارتياح والمتعة أيضاً. إذن المال وسيلة وليس غاية في حد ذاته، المال يجمع لينفق في الملبس والمشرب والعلاج ومصاريف البيت وتعليم الأولاد والتنزه وينفق أيضاً في الاستثمار بغرض تحقيق الكسب المادي.
أدعوك عزيزي القارئ أن تجرب أن تضيف وجهاً جديداً للإنفاق في هذا الشهر وهو التصدق، ستعيش تجربة جديدة وهي تجربة التصدق كل يوم حتى ولو بمبلغ زهيد، وإذا كنت تتصدق بالفعل أدعوك لتقوم بمضاعفة حجم إنفاقك على الصدقات، وفي نهاية الشهر أحضر ورقة وقلماً واجلس منفرداً في حجرتك واحسب ما أنفقته في هذا الشهر تحت بند التصدق، وفي الجانب الآخر ضع أرباحك من التصدق؛ ضع شعورك بالسعادة والرضا، ضع رحمة الله وغفرانه، ضع تطهير المال وتزكيته، ضع إطفاء غضب خالقك، ضع ثواب الصدقة بعد الممات، ضع محبة الله لك لإدخالك الفرح على قلب مسلم، ثم قارن بين ما أنفقته من مال وما كسبته من خير؛ بالطبع لن تجد وجهاً للمقارنة.
كما ذكرت في البداية لم أندهش للقصة السابق ذكرها، ولكنني في غاية الدهشة والحيرة من أشخاص يقومون بعدد من المغامرات والتجارب الاستثمارية غير المحسوبة سعياً لتحقيق المكاسب والأرباح وينصرفون عن تطبيق تجربة ذات نتائج عظيمة تم تحديدها سلفاً.. أتمنى من كل قلبي عزيزي القارئ ألا تقع في هذا الخطأ الساذج للغاية.
(*) أستاذ إدارة الأعمال والتسويق المشارك
************************************************** *******************
فبراير القادم.. انعقاد الملتقى الإداري الخامس
تقرر عقد الملتقى الإداري الخامس إلى تنظيمه الجمعية السعودية للإدارة خلال الفترة 8-10 صفر 1428 الموافق 26 - 28 فبراير 2007م في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق الانتركونتيننتال في الرياض، صرح بذلك رئيس الجمعية السعودية للإدارة الدكتور عبدالله بن جلوي الشدادي، وقال: ان الملتقى يأتي ضمن سلسلة الملتقيات والمؤتمرات والندوات التي تنظمها الجمعية السعودية للإدارة والتي من خلالها يتم عرض ومناقشة وبحث كل ما هو جديد في علم الإدارة وما يتعلق بها من المفاهيم والرؤى المتنوعة ذات الطابع النظري والعملي والتي تأتي من خلاصة نظريات ومستجدات الإدارة المدعومة بالخبرات والتجارب العملية برؤى عالمية. وذلك من خلال الأوراق العلمية والابحاث والدراسات وورش العمل التي تقدم خلال الملتقى.
مواقع النشر (المفضلة)