الاستهلاك العالمي والمحلي للنفط والمشتقات النفطية (3 من 3)
الصناعات البتروكيماوية تستهلك 11.5% من إجمالي نفط "أوبك"
د. سليمان بن صالح الخطاف - - - 06/11/1427هـ
أوضحت في المقال السابق نبذة عن الطلب العالمي على النفط وتنامي هذا الطلب بنسب مختلفة في بلدان مختلفة تبعاً لظروف التنمية الاقتصادية والنمو السكاني في هذه البلدان، وفيما يلي جدول (رقم1) يوضح مقارنة بين استهلاك أهم عشر دول في العالم لعام 2004م. ويجب التنبيه على أن الأرقام المذكورة في الجدول تُعنى بالنفط الخام التي يتم تكريره في هذه الدول بغض النظر عن الاستهلاك الداخلي، مع مراعاة أن بعض الدول مثل المملكة لا تستهلك كل طاقتها التكريرية، حيث إنها تكرر 2.1 مليون برميل يومياً فتستخدم نحو ثلثي ناتج التكرير وتصدر الباقي للخارج كمشتقات نفطية.
وأياً كان الحال، فالحقيقة أن طاقة المملكة التكريرية تعتبر من الأعلى بين دول العالم كما يوضح الجدول هذا بدون الزيادات التي من المزمع إقامتها، حيث أعلنت شركة أرامكو عن إقامة مصفاتين جديدتين في كل من الجبيل وينبع بطاقة إجمالية تقارب 800 ألف برميل يوميا، ما قد يرفع المملكة لتمثل المرتبة الرابعة في العالم من حيث القدرة التكريرية بعد الولايات المتحدة، الصين، واليابان. وفيما يلي أود أن القي الضوء على أسباب زيادة الاستهلاك النفطي في المملكة ومسوغاتها.
شهدت الدول المصدرة للنفط كلها باستثناء النرويج نموا كبيرا في استهلاكها للنفط، وتفاوت هذا النمو من بلد إلى آخر بحسب ظروف كل منها. وبحسب الأرقام التي نشرتها هيئة معلومات الطاقة EIA فإن المملكة شهدت زيادة سنوية ملحوظة من حيث استهلاكها للنفط بلغت 11 في المائة عام 2005، وفي السياق نفسه زاد استهلاك الإمارات للنفط بنسبة 10 في المائة، الكويت 7 في المائة، وإيران 5.3 في المائة، ما يعني أن معظم دول "أوبك" الشرق أوسطية تتسارع في استهلاك ما تنتجه من نفط والحقيقة لو قارنا هذه الزيادات مع الدول الصناعية الكبرى (مثل الولايات المتحدة واليابان ودول الاتحاد الأوروبي) المستوردة للنفط، لوجدنا أن هناك اتجاها واضحا يدل على عدم وجود أي زيادة ملحوظة في الاستهلاك (طبعاً باستثناء الصين والهند).
فعلى سبيل المثال الولايات المتحدة، وهي أكبر مستهلك للنفط في العالم استهلكت عام 2000م ما يقارب 20 مليون برميل يوميا، وعام 2005م زاد استهلاكها 900 ألف برميل يومياً فقط عن عام 2000، أي بزيادة سنوية تقدر بأقل من 1 في المائة، وكذلك اليابان على المنوال نفسه لم تشهد أي زيادات ملموسة في استهلاكها النفطي منذ 1993 إلى الآن، وهي تحافظ على معدل 5.5 مليون برميل يومياً أي في 13 سنة زاد استهلاكها 100 ألف برميل فقط أي أن الزيادة لا تكاد تذكر.
وقد يكون سبب هذا الاستقرار في الاستهلاك لدى هذه الدول هو محافظتها على معدلات نمو ثابتة إضافة إلى نهضتها الصناعية المخضرمة والتي لم تعد جديدة كالدول النامية التي تحتاج لكميات كبيرة من الطاقة لدفع عملية الصناعة والازدهار الاقتصادي، ولا ننسى أن هذه الدول المتقدمة صناعياً قد بنت وأسست لصناعاتها منذ زمن بعيد، وأيضاً بنت بنيتها التحتية في كل المجالات مثل المواصلات والخدمات وغيرها. ويجب مراعاة أن النمو السكاني في هذه البلدان غير كبير بالمقارنة بالدول النامية فمثلاً النمو السكاني في اليابان يكاد لا يذكر.
أما بالنسبة للزيادات الهائلة في استهلاك الدول المصدرة للنفط، ومن ضمنها المملكة، فيرى المراقبون أن أسبابها ترجع إلى:
* زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
* زيادة النمو السكاني في هذه البلدان.
* زيادة مبيعات السيارات في هذه الدول.
* زيادة الصناعات البتروكيماوية.
أما بالنسبة لنمو هذه الدول اقتصاديا، فيعود السبب الرئيسي إلى زيادة عوائد النفط التي تدخل إلى هذه البلدان، ما ينعكس على خطط التنمية إيجابيا. وأيضاً النمو السكاني الكبير في بلدان الخليج الذي ساهم أيضاً في تنامي استهلاكها للنفط، فوصل معدل نمو السكان في المملكة عام 2005م إلى 2.2 في المائة، الكويت إلى 3.6 في المائة، والإمارات إلى 1.6 في المائة. أما بالنسبة لزيادة مبيعات السيارات فالإحصائيات الداخلية تشير إلى أنه في عام 2005م حصل تنام في أعداد السيارات في المملكة بنسبة تصل إلى 10 في المائة مقارنة بـ -4 في المائة في النرويج، وهذا يعني أن النرويج شهدت انخفاضا في مبيعات السيارات عام 2005م مقارنة بعام 2004م.
أما المفاجأة في هذه الإحصائيات فكانت من نصيب الإمارات،حيث شهدت مبيعات السيارات فيها نموا قدره 108 في المائة، الكويت 40 في المائة، فنزويلا 55 في المائة، وإيران 10 في المائة، ما يدل على أن دول "أوبك" تشهد بالمجمل رخاء ونموا اقتصاديا انعكس على رفاهية مواطنيها، وإن كان مؤشر مبيعات السيارات ليس كل شيء.
الصناعات البتروكيماوية تعد أيضاً من الأسباب الرئيسية لزيادة استهلاك دول "أوبك" للنفط، فدول الخليج العربي وإيران تشهد طفرات وقفزات في هذه الصناعات، ما جعل هذه المنطقة أكبر منتج للبتروكيماويات في العالم، وبالتالي جعلها محط أنظار كبرى شركات البتروكيماويات. ويبدو أن هذه الشركات تتسابق لعمل شراكات استراتيجية مع الشركات المحلية، فنتيجة لذلك قفز إنتاج مادة الإيثيلين (مادة أساسية لصناعة المواد البلاستيكية) في هذه الدول قفزات أذهلت العالم. فمن عام 2004م هنالك 20 في المائة زيادة في إنتاجه سنوياً إلى عام 2011م.
بشكل عام ومختصر تستحوذ هذه الصناعات البتروكيماوية على 11.5 في المائة من إجمالي استهلاك النفط في هذه الدول، وهذه النسبة مرشحة للصعود في المستقبل القريب. وفي المملكة لا ننسى أن محطات تحلية المياه المنتشرة فيها تستهلك أيضاً كميات ليست بالقليلة من زيت الوقود المشتق الثقيل من عمليات التكرير مكونة مركزا مهما من مراكز الاستهلاك النفطي.
وختاماً لا شك أن النمو الاقتصادي الذي تشهده الدول المصدرة للنفط، إضافة إلى النمو السكاني الكبير الذي زاد الحاجة للوقود لوسائل النقل المختلفة، إضافة إلى النمو في الصناعات البتروكيماوية، قد زاد كمية استهلاك الدول المصدرة للنفط لنفطها دون زيادة مماثلة في الكميات المصدرة من النفط، وهذا قد يعني، بالإضافة إلى زيادة النهم الآسيوي للنفط، أن أسعار النفط لن تشهد انخفاضا كبيرا على المدى القريب.
* أكاديمي متخصص في صناعة تكرير النفط والبتروكيماويات ـ الظهران
بعد المفاوضات الجارية مع اليابان
سنغافورة تفاوض الخليجيين لإبرام اتفاقية للتجارة الحرة
- "الاقتصادية" من الرياض - 06/11/1427هـ
أكدت مصادر رفيعة أن حكومة سنغافورة ودول مجلس التعاون الخليجي اتفقتا أمس على بدء محادثات بشأن اتفاقية للتجارة الحرة. وقالت وزارة التجارة والصناعة السنغافورية في بيان: إن اتفاق التجارة سيسهم في
عملية التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
أكدت مصادر رفيعة أن حكومة سنغافورة وست دول عربية خليجية اتفقت أمس على بدء محادثات بشأن اتفاقية للتجارة الحرة.
وقالت وزارة التجارة والصناعة السنغافورية في بيان: إن اتفاق التجارة سيسهم في
عملية التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
وتريد الدول العربية الخليجية إنشاء عملة موحدة يشرف عليها بنك مركزي واحد في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم بحلول عام 2010 على نمط وحدة العملة الأوروبية.
ومجلس التعاون الخليجي حاليا هو سابع أكبر شريك تجاري لسنغافورة، حيث بلغ حجم التجارة بين الجانبين 23.7 مليار دولار عام 2005 بزيادة نسبتها43 في المائة عن عام 2004 .
وبيّنت حكومة سنغافورة أن اتفاق التجارة الحرة سيكون "إطارا مؤسسيا
رئيسا يربط بطريقة استراتيجية منطقة الخليج وسنغافورة".
وتجري دول مجلس التعاون الخليجي وسنغافورة أول جولة من المفاوضات أوائل العام المقبل. والجانبان ملتزمان باتفاق يغطي بصفة أساسية جميع جوانب التجارة.
وجاء الإعلان عن محادثات التجارة الحرة أثناء زيارة رئيس وزراء سنغافورة لي هسيين لونج التي تستمر أربعة أيام للسعودية والتي بدأت الجمعة الماضي.
يذكر أن اليابان تجري حاليا مفاوضات مع دول مجلس التعاون لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين، حيث يتوقع التوصل إليها في النصف الثاني من العام المقبل.
وأكد الجانبان في وقت سابق أن اتفاقية التجارة الحرة ستعزز الاستثمارات البينية، حيث بلغ حجم تجارة اليابان مع دول مجلس التعاون 88.5 مليار دولار بنمو 39 في المائة خلال العام الماضي، فيما تقدر قيمة الصادرات اليابانية لدول المجلس بنحو 13 مليار دولار منها خمسة مليارات للإمارات التي تعتبر أكبر سوق تصديرية للمنتجات اليابانية. وكانت الشيخة لبنى القاسمي وزيرة الاقتصاد الإماراتية قد أعلنت أن اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان ستعمل على رفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين، كما ستتيح الفرصة لنقل التكنولوجيا اليابانية إلى دول المجلس، ورفع حجم الاستثمارات اليابانية.
ووفقا للإحصائيات، فإن حجم الاستثمارات الخليجية في اليابان بلغ 25 مليار دولار مقابل عشرة مليارات دولار حجم الاستثمارات اليابانية في المنطقة خلال العام الماضي. كما أن دول الخليج تمد اليابان بـ 80 في المائة من احتياجاتها من الطاقة، وتذهب نصف الصادرات الخليجية إلى منطقة آسيا ومنها اليابان.
وقال مسؤولون يابانيون: إن نمو الاقتصاد الياباني اعتمد بكثافة على إمدادات الطاقة من دول مجلس التعاون الخليجي. وبناءً على ذلك، كان من الضروري محافظة اليابان على علاقات متميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي والعمل على استقرار المنطقة.
وأكدوا أن العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان تتطلب حافزاً جديداً لتنمية علاقات طويلة الأمد، ليس فقط بغرض تبني صلات أقرب في مجال الطاقة والصناعة، لكن أيضا من أجل التعاون على المستويين المحلي والإقليمي.
مواقع النشر (المفضلة)