الأسهم السعودية: قوى السوق تخضع لأهواء الأرباح وتتجاهل التحليل العلمي
انخفاض رغبات الشراء وتقلص السيولة إلى ملياري دولار في تداولات أمس
الرياض:«لشرق الأوسط»
ثبتت تداولات الأمس استمرار سياسة قوى التداول للذهاب وراء أهوائهم المتمثلة في تسجيل أعلى معدل ربحي في أقصر مدة ممكنة وسط تجاهل تام للتحليل العلمي (الأساسي والفني). والمقصود بهوى قوى السوق والمضاربين هو التداول الساعي وراء أسهم الشركات التي تتوافر فيها عوامل التحرك السريع والتحرر من الأسهم بانسيابية، هدفها النهائي تحقيق أرباح سريعة تسجل في المحافظ فعليا، من النظر إلى معايير علمية فنية وأسس تحليلية لتلك الشركات. واتضحت من نتيجة مؤشرات الأمس تجاهل قوى السوق التفاعل المفترض خلال هذه الفترة مع الشركات ذات المراكز المالية القوية والتوجه إلى شركات المضاربة التي يلاحظ تذبذباتها الواسعة بالوصول إلى النسبة العليا ثم الإغلاق على النسبة الدنيا بمعدل تذبذب 20 في المائة. وهذا السلوك انكشف بوضوح خلال تداولات هذا الأسبوع وحتى نهاية تعاملات أمس، الذي أظهر نوايا القوى المحركة لاستغلال الظرف العام الذي تمر به سوق الأسهم السعودية خلال هذه الفترة.
وأنهت السوق أمس تعاملاتها على هبوط 130 نقطة تمثل 1.5 في المائة حيث أغلق المؤشر العام للأسهم السعودية على 8224.43 نقطة من خلال تداول 186.4 مليون سهم بقيمة 8.6 مليار ريال (2.2 مليار دولار)، تعني فقدان 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار) من قيمة الأسهم المتداول عليها أول من أمس (الثلاثاء). وجاء تراجع الأمس بتأثير هبوط جميع القطاعات في مقدمتها الزراعة الذي أغلق على هبوط بنسبة 7.4 في المائة، يليه قطاع الخدمات بنسبة 4.1 في المائة، ونتج عن الهبوط انخفاض أسهم 73 شركة، مقابل مخالفة أسهم 10 شركات لاتجاه الهابط بإغلاقها على ارتفاع.
من جهته، أفاد «الشرق الأوسط» أحمد الحميدي مراقب فني لتعاملات سوق الأسهم السعودية أن ما يحدث للسوق عبارة عن انعكاس لمستوى الثقة المتدني نتيجة لكثرة الشائعات التي تدور حول وجود قرارات جديدة قد تؤثر سلبا على اتجاه السوق.
وأوضح أنه يجب على الجهات ذات العلاقة الرفع من مستوى الشفافية والبت السريع في الدراسات المعلنة حتى لا تصبح أرضية خصبة لترويج الإشاعات بما لا يخدم تعزيز الثقة لدى المتداولين في سوق الأسهم السعودية.
ويلاحظ الحميدي دخول سيولة شرائية على مراحل من كبار المحافظ تجذبها الفرص الموجودة في السوق التي تعكسها المؤشرات الاقتصادية الجيدة، موضحا في ذات السياق أن الاكتتابات الأولية من العوامل التي تزيد من مشكلة السوق المتمثلة في نقص السيولة، يساندها ضعف الإقبال على سوق الأسهم السعودية بسبب فترة التداول الحالية.
أمام ذلك، أكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور زيد الرماني، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية، أن حركة الأسهم خلال هذه الأيام ليست واضحة المعالم، إذ لا تزال مظاهر خلل السوق متعدد المصادر، متسائلا هل مصدر هذا الخلل هو النظام، أو المساهمين أنفسهم، أو الآليات التي تتبع في السوق؟
ولفت الرماني الى أن هيئة سوق المال تحاول مسايرة الظروف القائمة في سوق الأسهم، مشيرا إلى ذلك بالقول «لكن يتضح أن الظرف الحالي يحتاج إلى وقت طويل لدراسة السوق بتأن وعمق، لا سيما أن سوق الأسهم ألقى بآثار ونتائج غير مرضية على صغار المتعاملين».
وأضاف «لا نريد أن يسير سوق الأسهم المحلي بسياسة القوي يأكل الضعيف، بل لا بد من البحث والتقصي وراء كل سلبية لتفادي الأضرار الواقعة والمستقبلية»، مبينا أن حالة سوق الأسهم وانهياراته المتواصل، كشفت عن فشل المحللين الاستثماريين والماليين في توضيح الصورة العامة، بل ساهموا في خلق الحيرة لدى المتعاملين، لأن المتداول لا يعلم ما الذي له وما الذي عليه من حقوق.
في المقابل أشار لـ«الشرق الأوسط» جار الله سالم الجار الله، المحلل الفني لمؤشرات سوق الأسهم، الى أن تداولات السوق تعكس الحيرة لدى المتداولين الذي نتج عنه هبوط ملحوظ في معدل السيولة مع ملاحظة دخول كميات شرائية وسط فترة التداول استطاعت تقليص خسائر المؤشر العام إلى 100 نقطة بعد أن عاد من مستوى دعم عند مستوى 8222 نقطة (ذات المستوى الذي ارتد منه المؤشر العام يوم الاثنين الماضي).
وأشار الجار الله إلى أن المؤشرات الفنية تؤكد على تمثل قاع جديد للمؤشر العام في نطاق 8000 نقطة لا يمكن تجاوزه بسهولة وهو المستوى الذي يعتبر منطقة دعم لمؤشر السوق العام حيث أثبت صلابته بعد وقف الهبوط السابق من ألف نقطة. وزاد الجار الله أن الشائعات التي تدار في أوساط المتداولين هي من أسباب تأخر دخول السيولة التي تنتظر إشارات الاطمئنان على عدم وجود قرارات مفاجئة قد تنعكس سلبا على مسار السوق، مشددا على أنه لا بد من دراسة التصريحات الرسمية من قيادات القطاعات المالية وحساب ردة فعل المتلقين قبل إطلاقها لأنها قد تؤثر سلبا على تشاؤم المتداولين في توقع النتائج المالية للشركات المعنية.
تذبذب سوق المال السعودي يعيد الأموال النسوية المهاجرة إلى النشاط الاقتصادي
تزايدت اتصالاتهن على المكاتب الاستشارية.. والتقليد يستقطب استثماراتهن
الرياض: هدى الصالح
أعاد تذبذب سوق المال السعودي في الآونة الأخير، لا سيما بعد الانخفاضات الحادة التي شهدتها السوق منذ الـ 25 من فبراير (شباط) الماضي، جزءا كبيرا من الأموال النسائية المهاجرة إلى سوق الأسهم للمشاركة في المشاريع التجارية الحقيقية، حسب ما أشارت إليه مستشارات اقتصاديات تحدثن لـ«الشرق الأوسط».
وتوقع مراقبون عودة ما يقارب 10 مليارات ريال (2.66 مليار دولار) تمتلكها السيدات السعوديات للمساهمة في النشاط الاقتصادي، لتعزيز القطاع النسوي من خلال مشاركتها في المشاريع التجارية مع الدعوة في التحول من الأنشطة الخدمية البسيطة إلى المستدامة.
يذكر أنه يوجد في السعودية 22466 سجلا مملوكا بأسماء نسائية تمثل ما نسبته 4.7 في المائة من عدد المنشآت المسجلة في الغرف التجارية الصناعية في المملكة. حيث تشير إحصائيات إلى أن هناك 4600 منتسبة للغرفة التجارية في الرياض تركزت أنشطتهن الاقتصادية على خدمات الاستشارات الحرة وتجارة التجزئة، إضافة إلى الاستيراد والتصدير والمطاعم ومكاتب عقارية وما إلى ذلك.
من جانبها، توقعت الدكتورة عزيزة الخطيب المدير العامة لمركز قيمة مضافة للاستشارات الاقتصادية، عودة الأموال النسائية إلى النشاط الاقتصادي الحقيقي في الفترة المقبلة بعد أن فقدن الثقة بسوق المال السعودي، مرجحة عودة السرب النسائي إلى استثمار أموالهن في المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة وبالأخص لمن «لم تتجمد كافة أموالها في سوق الأسهم».
وكشفت الخطيب لـ«الشرق الأوسط» تزايد الاتصالات النسوية على مكاتب الاستشارات الإدارية والاقتصادية في الآونة الأخيرة بحثا عن مصادر استثمارية غير سوق المال، مضيفة «نحاول إرشاد السيدات في التوجه للاستثمار الحقيقي بإنشاء مشاريع صغيرة أو متوسطة وحتى الكبيرة منها» لتعزيز إسهام المرأة السعودية في التنمية الاقتصادية.
وأفادت بأن معظم ما يتلقاه مكتب الاستشارات الذي تقوم على إدارته طلبات نسائية لإقامة مشاريع خدمية بسيطة؛ منها ما هو متوجه للتعليم وأخرى إلى الجوانب الغذائية وإنشاء عيادات صحية، موضحة أن المشاريع الكبرى كالصناعية منها والمستدامة يتوجهن إليها سيدات الأعمال في تكتل مع نظرائهن الرجال.
من جهتها، ذكرت ليلك الصفدي المديرة التنفيذية بأحد المكاتب الاستشارية بوجود تفاوت كبير في طبيعة ومستوى الاستشارات ما بين المستثمرين الرجال والمستثمرات، مرجعة ذلك إلى طبيعة المرأة الحذرة التي تبتعد بسببها عن المجازفة.
وبينت الصفدي أن ما يقارب 90 في المائة من استشارات السيدات، إنما تقتصر على الاستشارات في المشاريع الصغرى وقلة منها متوسطة لا يتجاوز عدد العاملات فيها عن 15 موظفة. إلا أنها أوضحت أن أفكار المشاريع النسوية لا تبتعد عن التقليدية وتتجنب الابتكار معتمدات على محاكاة وتقليد التجارب الناجحة من إنشاء مشاغل نسائية ومراكز تدريب وتجميل.
وامتدحت الصفدي المشاريع الرجالية باعتبارها أكثر ابتكارا وحداثة، إذ توجه عدد منها إلى مجال الصناعة والبتروكيماويات والخدمات المالية. وأضافت أنه لا يوجد حواجز لدى النساء في الجانب العمري، حيث تتباين أعمار المستثمرات بين 25 و45 عاما، كما أن منهن من لم تتجاوز الثامنة عشرة، مشاركات برؤوس أموال تتراوح بين 200 ألف و10 ملايين ريال (53.3 ألف و2.66 مليون دولار على التوالي). لكن الصفدي أعادت فشل المشاريع النسائية البسيطة إلى الدراسات الفاشلة وسوء التخطيط إضافة إلى ضعف كفاءة الإدارة أو عدم الالتزام بتوصيات دراسات الجدوى. من جهتها، قالت وفاء آل الشيخ رئيسة مركز المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الغرفة التجارية في الرياض، إن آليات عمل الوحدة الاستشارية بالفرع النسائي للغرفة التجارية هي تقديم خدمات استشارية لسيدات الأعمال من قبل خبيرات من المكاتب الاستشارية في مختلف المجالات الإدارية والتسويقية والاقتصادية إلى جانب المسائل المحاسبية والتمويلية والقانونية برسم رمزي لا يتجاوز 150 ريالا (40 دولارا).
وتقدم الوحدة بحسب آل الشيخ خدماتها في مجالات استشارات متعددة منها أسباب تراجع المبيعات أو الأرباح وتزايد الخسائر، بالإضافة إلى تذبذب أعمال المنشأة أو المنازعات القانونية.
وبينت رئيسة مركز المنشآت الصغيرة والمتوسطة في غرفة الرياض، أن نسبة الإقبال النسوي لطلب المشورة قبيل إنشاء المشاريع، إنما هو بالحد «المتوسط»، عازية ذلك إلى اعتماد عدد كبير من سيدات الأعمال السعوديات على المحاكاة وتقليد التجارب الناجحة في مجال المشاريع الخدمية البسيطة.
مواقع النشر (المفضلة)