فجوة التوقعات بين الهيئة والمستثمرين - هكذا قال الناس في ورش التوعية
د. محمد أل عباس - أستاذ المراجعة المساعد -جامعة الملك خالد - أبها 11/11/1427هـ
كان لي شرف المشاركة في حملة هيئة السوق المالية "استثمر في وعيك الاستثماري" وكان من حسن حظي أيضا أنني قدمت في هذه الحملة أربع محاضرات في الباحة وأبها و جيزان. هذه المشاركة كانت لي بمثابة التجربة الثرية والفريدة وذلك من خلال ملامسة آمال الناس وآلامهم وردود الأفعال تجاه ما نقدمه من طرح في وقت كانت السوق تخنق بأيدي كبار المضاربين ولا تجد من يسعفها أو يستنقذها منهم. وبقدر ما كنت أرفع شعار الهيئة في ورش العمل وهو "الاستثمار في وعيك" وبقدر ما كنت أحرص على توعية الناس إلا أنني من خلال هذه المقالة أرى لزاما علي أن أنقل الصورة التي أراد الكثير ممن قابلتهم وناقشتهم أن تصل إلى من يهمه الأمر وحملوني أمانة نقل الكلمة.
في كل ورشة من الورش الأربعة كنا نواجه، نحن فريق ورشة العمل، هجوما قاسيا ومناقشات حادة جدا بل اتهامات صريحة وذلك لأن الحضور اعتقدوا أننا جئنا نروج بضاعة الهيئة. والحق أننا كنا نقدم لهم المضاد الوقائي في وقت كانوا في حاجة إلى العلاج وهم يعانون آلام المرض في كل يوم من الساعة الحادية عشرة وحتى الثالثة والنصف. لذلك لم يكن من المفاجئ أن نسمع أصواتا مرتفعة جدا تقول لا للتوعية ونعم لمن يتحمل الأخطاء والنتائج، لكن لم يكن هناك وعلى طول الاقتصاد وعرضه من هو قادر على أن يعلن مسؤوليته. لقد انصب الهجوم على الهيئة، حيث لم توقف المضاربين عند حدهم وهم يرفعون الأسعار وبدلا من ذلك عاقبت السوق وأخرجتهم سالمين – هكذا قال الناس. والآن وهم يقودون الأسعار إلى الهاوية تعود لتعاقب السوق ككل وتسمح لهم مرة أخرى بالخروج سالمين. الهيئة – في نظرهم - عندما لا يعجبها الحال تعاقب السوق وليس المضاربين المتلاعبين، لذلك ما إن تهدأ الأمور حتى نراهم في ثوب مختلف وشركة جديدة فمن "بيشة" إلى "الباحة" إلى "الأسماك". وإذا عرف الصغار الهدف المقبل وحاولوا من خلاله استعادة بعض ثروتهم الصغيرة جدا تدخلت الهيئة بنظام أو تعديل لأن الحال أصبح خطرا فوقع العقاب على الصغير ونجا الكبير المتلاعب فمن أحق بالتوعية؟
لقد طلب الناس من الهيئة الحماية الوقائية وليس العقابية. عندما يرون توجه المضاربين نحو شركات الخشاش ويستطيعون استرجاع ثرواتهم بسرعة فلا تلم الصغير إذا تخلى عن القياديات أملا في تحسين جزئي لمحفظته وهو يعي أنه يخاطر لكن لعله يتمكن من الخروج بسهولة. صغار المستثمرين يقولون إنه ما كان على هيئة السوق أن تسمح للمضاربين أن يستخدموا شركات المضاربة لجر السوق من البداية، ولكنها سكتت عنهم حتى اعتقد المستثمر الصغير أن الأمر نظامي و مقبول فكريا فسارع أملا في البقاء وليس الثراء. هنا تعود الهيئة لتحذر وتعاقب. لذلك لم يكن من المستغرب أن نجد حالة من البغض العام للهيئة ودورها، فالجميع يرى أن المسؤولية عن الانهيارات وتدهور أوضاع السوق تقع على الهيئة بل إن بعضا ممن ناقشناهم في الورشة وقالوا إنهم ممارسون قدامى في السوق يعتقدون أن السوق كانت أفضل قبل ظهور الهيئة.
القليل سأل عن مستقبل السوق في الوقت الذي توقعت أن تنهمر الأسئلة حول هذا الموضوع وكنا نستعد كفريق على الإجابة عن ذلك، لكن المفاجئ هو أننا كنا نسأل المشاركين عن توقعاتهم لمستقبل السوق، والمفاجئ أن الجميع تقريبا مؤمنون أن السوق وصلت إلى مرحلة استثمارية جيدة وأنه وقت الدخول، ولكن - و مع لكن هذه خرق القتاد - من أين لنا بالسيولة ونحن جميعا معلقون ومدينون ولا يمكن لنا زيادة الاقتراض ولن نخاطر ببيع آخر ما نمتلكه. في المقابل هم يعتقدون أن كبار المضاربين قد أخرجوا السيولة خارج البلاد ولن تعود في القريب العاجل. لذلك وجدناهم متفقون على أن الوضع مناسب ولكن وللأسف ليس لهم. والكبار يرون أن السوق أيضا ليست مناسبة لهم لأنه لا توجد سيولة يسرقونها من الناس تحت غطاء النظام فانتظروا إنا منتظرون.
الجميع أثنى على فكرة الورشة وعلى المواضيع وعلى المحاضرين ولكن وفي كل ورشة من الورش الأربع قالوا إنهم ليسوا في حاجة إليها الآن، لقد طارت الطيور بأرزاقها. نعم اعترفوا بالوقوع في الأخطاء الاستثمارية والتقييم غير الفعال وعدم القدرة على اتخاذ قرارات الدخول والخروج الصحيحة لكن كل هذه المعرفة أتت متأخرة جدا، فأين كانت قبل عام 2005؟ وتصحيح أيار (مايو) الاستباقي وما قبله أين كانت والمحللون يفتون بغير مالا يقدرون وكبار المضاربين يصرحون بتصريحات تقود السوق أينما يريدون، ويسأل الناس لماذا لم يخرج تصريح مضاد من الهيئة أو تصريحات مهدئة أو ورشة عمل منقولة تلفزيونيا وفيها أفضل المحللين؟ لماذا تأخرت الهيئة كل هذا الوقت؟ لقد صوروا الموضوع وكأن أحدهم جاء بالعلاج الوقائي لشخص يحمل على الأكتاف يريدون دفنه.
بقي هناك البعض القليل متفائل ويضع الأسئلة الصعبة عن أسباب التذبذب الأسبوعي بين الأحد والإثنين وكأن بداية الأسبوع هو الإثنين وليس السبت، وهنا تلميحات لا تصريحات واللبيب بالإشارة يفهم، ووضعوا علامات استفهام كبيرة حول دور الصناديق الاستثمارية وكيف تربح البنوك وتستطيع ذلك بسهولة وحدها وعندما يشاركها الناس في أبسط مشروع وهو الصندوق الاستثماري فعلى الناس تقبل الخسائر بحكم النظام بينما لا يخسر البنك شيئا. لماذا كل تلك القيود على الصندوق الاستثماري وكأن دوره فقط هو تمكين الكبار من مغادرة السوق وبأموال البسطاء من الناس الذين قيل لهم إن أموالكم مع الصندوق أكثر أمانا، نعم أكثر أمانا ربحت البنوك وخسرنا نحن.
لقد كان علينا كفريق عمل أن نشرح النظام القانوني الذي تعمل فيه الهيئة ونبرر للناس كيف أن بعض الأخطاء لا يمكن حما يتهم منها إن لم يحموا أنفسهم بأنفسهم. كان أصعب المواضيع إقناعا هو شرح تداخل الأدوار وأن تلك القضية مثلا ليست من مسؤولية الهيئة بل مسؤولية جهات أخرى وأن هذا الموضوع ليس من صلاحيات الهيئة ولم يسمح لها النظام بذلك. وكان لموضوع شركات توظيف الأموال حضور دائم في كل ورشة، ولماذا أوقفتهم الهيئة عندما جمعوا المليارات؟ وأصبحت رقاب الناس في أيديهم؟ لماذا لم تعط لهم الفرصة لإرجاع الأموال ولو بالتدريج؟ لماذا لم يتم إيقافهم وهم يروجون لكذبهم؟ ودائما كانت الإجابة غير مقنعة وغير مرغوبة فالكشف عنهم ليس مسؤولية الهيئة وإذا عرفت الهيئة فسوف تتخذ الإجراء القانوني المصرح به فقط، لكن كيف لها أن تعرف ولم يتقدم أحد بشكوى أو يرفع لها تقريرا بذلك وهكذا مرت الورش ونحن نبحث مع الناس عن المسؤول.
كان من دواعي سروري أيضا أنني تعرفت على الدكتور عدلي حماد وهو مستشار قانوني شرح وفسر النظام بدقة وبساطة وقال مرارا وتكرارا إذا لم تطالب بحقك فلن يصل إليك. إذا لم ترفع شكواك فلن يعرفها أحد. تحدث المشاكل الاستثمارية دوما عندما نواجه طفرة اقتصادية وتتنوع معها قنوات الاستثمار ومع هذه الطفرات لا يسأل أحد عن حقوقه ولا يسأل السؤال المهم! إذا حدث وظلمت فمن أقاضي وعند من أرفع شكواي؟ لكن بقي لي سؤال شخصي وددت لو أن جميع مكاتب المحماة تجيب عنه. أليست لدينا سوق جيدة جدا للمحاماة ورفع القضايا التعويضية للناس (سوق التعويضات)؟ لماذا لا تقوم مكاتب المحاماة بصناعة الطلب من خلال عرض خدمات رفع قضايا التعويض مع عدم المطالبة بأي أتعاب إلا بعد نجاح القضية؟ كان الناس يخسرون ثرواتهم الصغيرة ولم يكن لديهم استعداد لتحمل مخاطر رفع قضية قد لا تنجح مع عدم علمهم بخفايا النظام. اشتكى الجميع من نظام تداول وإدارة البنوك له وقالوا إنه كبدهم الكثير من الخسائر فمن يرفع لهم قضية؟
هذه كانت عبارات الناس نقلتها بأمانة كما سمعتها منهم بتصرف يقتضيه المقال والله من وراء القصد وهو أحكم الحاكمين.
خبراء 15 دولة عربية يبحثون تحديات مكافحة عمليات غسل الأموال
- محمد الراوي من القاهرة - 11/11/1427هـ
تنظم المنظمة العربية للتنمية الإدارية الأحد المقبل في مدينة شرم الشيخ المصرية ورشة عمل حول غسل الأموال بمشاركة خبراء ومسؤولين من 15 دولة عربية. وتهدف الورشة إلى بحث وسائل مكافحة عمليات غسل الأموال والصعوبات والتحديات التي تعترض سبل المكافحة، والتقديرات حول الأموال المرتبطة بغسل الأموال في العالم.
وأوضح الدكتور محمد بن إبراهيم التويجري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية أن الخبراء سيناقشون الجهود الدولية والعربية لمكافحة غسل الأموال، الجوانب القانونية والاقتصادية والأمنية للاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومتطلبات تفعيل دورها في مكافحة غسل الأموال. كما سيتم مناقشة عدد من المحاور والموضوعات المهمة على رأسها التحليل الاقتصادي للفساد، مع إشارة خاصة للقطاع المصرفي ودور التدقيق الداخلي في مكافحة الفساد، ومفهوم عمليات غسل الأموال وأهدافها ومراحلها والأساليب المختلفة لتلك العمليات. وأضاف أن ورشة العمل سيشارك فيها عدد من الخبراء والمسؤولين والمتخصصين في الدول العربية، في محاولة جديدة لمواجهة عمليات غسل الأموال والتعريف بها، موضحا أن أساليب غسل الأموال تنوعت وبالتالي أصبح من الصعب اكتشافها وإثباتها،
بالتقدم التقني المتسارع وأبرزه ظهور وسائط حديثة للدفع مثل ما يسمى بالنقد الرقمي، إضافة إلى تحرير الخدمات المالية.
وأشار التويجرى إلى أنه مع تزايد خطورة جرائم غسل الأموال وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ينصب الاهتمام في جميع الأوساط الدولية والإقليمية والمحلية في السنوات الأخيرة على عقد المؤتمرات والندوات لدراسة غسل الأموال. وأفاد أن هذه الجهود أسفرت عن التوصل إلى العديد من الاتفاقيات الدولية، واستصدار التشريعات التي تحرم عمليات غسل الأموال، إلا أن التقديرات تشير إلى تزايد حجم الأموال المغسولة، ولذلك فإن محاربة الفساد تعد أولى الخطوات المطلوبة لمكافحة غسل الأموال.
ولفت إلى أن بعض الدول العربية تسعى إلى إنشاء جمعيات أهلية للشفافية ومحاربة الفساد، باعتبارها من أهم مصادر الأموال غير المشروعة، موضحا أن إعداد مشروع الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يؤكد حرص الدول العربية على حماية اقتصاداتها من تلك الأموال غير المشروعة التي يمكن استثمارها في الاتجاهات السلبية والضارة لأمنها واستقرارها.
مواقع النشر (المفضلة)