القطاع الخاص يتهم بعدم الجدية في العمل
شركات محلية توظف الشباب السعودي بهدف الاستفادة من صندوق الموارد البشرية
تحقيق - سعيد السلطاني تصوير - عصام عبدالله، خالد الناجم
تتهم الشركات المحلية الشباب السعودي بأنه غير ملائم لسوق العمل وكسول، وبذلك يواجه الموظف ضغوطا نفسية من هذه الشركات حتى يتنازل عن وظيفته التي اتيحت له بإجبار الشركة من قبل وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية، وتتكرر الاتهامات نحو الشباب بأنهم لا يرغبون العمل، وكثيرمن الاتهامات ترمي على عاتقهم، ويقف حائرا أمامها، ويتساءل: هل السبب من الشركات المحلية، المجتمع، التعليم، أو من طبيعة الشباب السعودي نفسه لرغبته في وظائف حكومية؟
"الرياض" طرحت عدة تساؤلات أمام موظفي القطاع الخاص وبعض رؤساء الشركات ومكتب العمل، وكانت النتيجة أن ضعف إدارة الموارد البشرية هي السبب الرئيسي في تنحي الشباب السعودي عن وظائف القطاع الخاص وخاصة ان دورها يكمن في الحضور والغياب والحسم وغيره، والكثير من هذه الإدارات لا تستخدم أسلوب التحفيز والتعليم والتدريب والترقية والتشجيع وحل الهموم اليومية التي تواجه الموظف لتحقق له البيئة المناسبة للعمل، وكل هذه الاساليب التي نادرا ما تستخدمها الشركات المحلية لها ميزات تعطي الموظف الأمان الوظيفي مما يساعده على زيادة الإنتاجية والإبداع والابتكار اليومي في مجال عمله.
وبيَّن عدد من موظفي القطاع الخاص ل "الرياض" أن أغلبية الشركات المحلية تعيق التطور في الكوادر الوطنية وإدارة الموارد البشرية في هذه الشركات دورها يكمن في الأعمال الروتينية اليومية ولا تهتم بالتدريب والتأهيل للكوادر الوطنية، وتتهم الكوادر الوطنية بأنها غير مؤهلة لسوق العمل السعودي في الكثير من التخصصات،واقتصر دورها في التوظيف تلبية لضغوطات وزارة العمل والعمال.
أنس عبدالقادر العمري أكثر من سنتين وهومتنقل بين الشركات من وظيفة إلى وظيفة أخرى قال: مررت بأكثر من تجربة في وظائف القطاع الخاص وكل وظيفة أقضي فيها ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر فترة التجربة ومع نهاية التجربة أجد أن الشركة أو المؤسسة المحلية تعاملني بأسلوب "التطفيش" واواجه نفس الرد "أنت غير صالح للعمل".
وأشار العمري إلى ان الشركات المحلية لا تساعد الشباب السعودي على التطور واتقان الوظائف الحرفية والمهنية وغيرها، بالرغم أننا نسعى ونقضي أوقات طويلة ما بين شركة وشركة أخرى ومكتب العمل بحثاً عن وظائف.
واستطرد قائلاً: واجهت مشكلة بمكتب العمل والعمال بالمنطقة الشرقية عندنا قدمت طلب وظائف القطاع الخاص، مكتب العمل رفض إكمال طلب التوظيف بحجة أن اسمي مدون في مكتب عمل جدة، والغريب في الأمر لم اتقدم بطلب عمل في مكتب جدة نهائياً.
وأضاف العمري: وظائف القطاع الخاص لا توفر للفرد الأمن الوظيفي حتى يستطيع أن يحقق الإبداع والإنتاجية بشكل أفضل مطالباً في الوقت نفسة بإيجاد حلول لمشكلة السعودة والتوظيف مع الشركات المحلية.
محمد الدياني قُبل في إحدى الشركات التي تمارس نشاط صيانة المطارات العسكرية، وكان القبول عن طريق صندوق الموارد البشرية قال الدياني: عملت أكثر من ستة أشهر وتصرف لي الشركة فقط الراتب الذي تتقاضاه من صندوق الموارد البشرية، وفوق ذلك تم تعييني في منطقة قريبة من الحدود الإماراتية تبعد عن المنطقة الشرقية أكثر من 420كيلو متراً، منطقة بعيدة عن الخدمات، لم ارفض قبلت حيث أن الراتب يزيد عن 4آلاف ريال حسب وعد الشركة لي، بعد فترة التجربة التي استمرت ثلاثة أشهر استلمت عن كل شهر 1800ريال وطالبت الشركة ووجد الرد بأن هذه مكافآت الثلاثة الأشهر الماضية.
وأضاف استمر الحال أكثر من ستة أشهر على نفس الراتب 1800ريال، عند مطالبتي للشركة تعقدت الأمور وأصبح الخصم بشكل يومي، حتى استقلت من الوظيفة.
وطالب الجهات المعنية بأن تراقب هذه الشركات عندما تقوم بالتوظيف عن طريق صندوق الموارد البشرية.
وقال فالح الشهراني: إن مكتب العمل لم يقتصر جهداً وخاصة عندما تقدمت بطلب وظيفة في القطاع الخاص أتاح لي عدة خيارات في التوظيف ولكن المشكلة تكمن في الشركات عندنا اتقدم بخطاب مكتب العمل اواجه بالرفض وعدم قبولي وإذا تم قبولي تخصص لي وظيفة غير مباشرة بالعمل الأساسي للشركة، وبراتب بسيط جداً لا يكفي لتغطية متطلبات حياتي المعيشية في المنطقة وخاصة أن تكلفة المعيشة للفرد مرتفعة تزامناً مع ارتفاع تكاليف المعيشة بالمنطقة.
وبيَّن الشهراني تجربته في أحد البنوك المحلية التي تقدم بطلب لها عن طريق مكتب العمل حيث قال: عند توظيفي في أحد البنوك المحلية بالمنطقة واجهت ضغوطاً يومية من البنك لتحصيل عملاء جدد واستقطاب أكبر عدد ممكن من العملاء للاستفادة منهم في قروض مالية.
وأضاف: طالبت البنك في البداية بدورات تدريبية في العمل وكان الرد إذا نجحت في تجربتك مع البنك لمدة ثلاثة أشهر ووقعت عقدا سوف نتيح لك جميع متطلباتك، إذا لم اتمكن من عملي منذ البداية كيف اجتاز فترة التجربة؟
وعن الإنجاز في العمل وتحقيق أكبر قدر من الإنتاجية قال الشهراني: إذا توفرت لي الوسائل المتاحة من مكافأة شهرية وتحفيز وترقية وتشجيع من العمل لا يمنعني من ذلك شيء وسوف ابدع وابتكر أشياء جديدة مشيراً إلى أنه ليس هناك فرق بين الشباب السعودي والعمالة الأجنبية التي تتعلم على حسابنا في مجالات كثيرة وهم في بداية الأمر لا يفقهون شيئاً عن المهن التي يستقدمون من أجلها.
منصور الحمد خاض تجربة التدريب في إحدى الشركات المحلية عن طريق صندوق الموارد البشرية يقول: بعد انتهاء فترة التدريب التي تجاوزت السنة ولم استفد منها سوى معرفة الحضور والانصراف فقط، الدورة شملت برامج الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية وكان تدريسها مجرد تضييع وقت، والمشكلة أن أسلوب التدريس لم يكن بعيداً عن تدريس المرحلة الابتدائية، عقلية التعليم في مؤسساتنا التعليمية وفي المراكز التدريبية تقليدية لم تتغير.
وأضاف: الحمد لله أكثر من تسعة أشهر والدورة التدريبية اهتمت بالحضور والغياب، وبعض المحاضرات عن تجارب شخصيات خاضت التجربة في مجال القطاع الخاص، وفي فترة الدورة طالبنا الشركة بخوض التجربة العملية والبعد عن الأسلوب النظري في التدريب ولكن واجهنا الرفض وأن هذا الاسلوب هو الأسلوب الصحيح، بعد الانتهاء من فترة الدورة وثقت الشركة معنا عقودا لمدة سنتين برواتب بسيطة ولم نطلع على العقود إلا عند التوقيع والملاحظ أنها كانت بشكل سريع لم تتجاوز الخمس دقائق، وبعد سنة من العمل اكتشفنا أن العقود غير موثق فيها الوعود التي وعدتنا الشركة بها من زيادة في الراتب بشكل سنوي والكثير من المميزات التي تحدثت الشركة عنها خلال فترة التدريب.
وقال إن ثقافة الشباب السعودي في توثيق العقود ومعرفة ما يتضمنه العقد من حقوق له وعليه غيره معروفة، ونطالب بوجود دورات تثقيفية للشباب المقبلين على العمل في مجال العقود وتوثيقها.
وأشار الحمد أن برنامج الدورات التدريبية كان مجرد حبر على ورق، ولم يطبق منه شيء على الواقع ولم نفهم القصد من وراء ذلك، خلال سنة من العمل انسحب أكثر من 50بالمائة من الشباب المتدربين بالغرم أن الشركة طالبتهم بدفع غرامات مالية عالية جداً.
وعن سبب عزوف المتدربين عن العمل قال الحمد لم نجد الاهتمام كأننا مفروضين فرضا على هذه الشركة ولم نجد الاهتمام، التشجيع، الحوافز وغيرها الكثير، حققت الشركة من تدريبنا مبالغ كبيرة من صندوق الموارد البشرية، بذلك كان هدفها الربح وليس تدريب كوادر وطنية تخدم هذا الوطن المعطاء.
عبدالرحمن الراشد بدوره رئيس مجلس السعودية قال: القطاع الخاص ليس لوحده مسؤول عن السعودة والتدريب وغيره بل هناك شركاء في هذه القضية التي اعتبرها الكثير انها قضية يصعب حلها ولكن السعودة مسؤولية الجميع سواء المجتمع او القطاع الخاص أو المؤسسات التعليمية وغيرها إذا حصل تكاتف بين الجميع في السعودة سوف تتوفر القوى العاملة الوطنية المدربة.وأضاف الراشد أن من أهم تلك المعوقات توفير الكوادر المدربة والمؤهلة والمعدة بشكل مهني ونفسي والمشكلة التي يعاني منها كثير من رجال الأعمال هي عدم وجود كفاءات سعودية مدربة بشكل جيد يمكنها العمل في القطاع الخاص وأيضاً عدم قدرتها على مواصلة العمل وهناك العديد من رجال الأعمال يهتمون بسعودة الوظائف الموجودة لديهم ولكن يصطدمون بعدم وجود الكفاءات السعودية المدربة ولعدة أسباب منها عدم مناسبة مخرجات التعليم وعدم وجود دورات تدريبية تفي بالغرض مما اثقل كاهل رجل الأعمال بإقامة دورات تدريبية لموظفيه.
وبيَّن أن النمو في العمالة السعودية خلال الخمس سنوات الماضية كان جيدا وخاصة أن النمو يزيد عن 20بالمائة سنوياً في توظيف الشباب السعودي.
وأضاف أن كافة رجال الأعمال مؤيدون لنظام السعودة ويسعون على تطبيق النظام لما للنظام من فائدة على الوطن بشكل عام وعلى رجل الأعمال والموظف بشكل خاص ولكنء هناك عدد كبير من الباحثين عن عمل لا تكون لديهم القدرة على العمل للعديد من الأسباب منها الاجتماعية والنفسية ونقدر لوزارة العمل سعيها الدائم والدؤوب على مواصلة العمل ودعم الشباب السعودي ولكن نطالب الوزارة أيضاً بدراسة واقع العمل وطبيعة الأعمال الموجودة لدى رجال الأعمال وأيضاً إقامة الدورات التأهيلية والتدريبية التي ترفع من مستوى طالب العمل وتؤهله لاستلام أعمال تتطلب دراية كاملة بها.وعن دور إدارة الموارد البشرية في الشركات قال الراشد: هذه الإدارة عليها أن تدرب وتحفز وتشجع العمالة ولكن قبل الانضمام لوظائف الشركات المحلية يتطلب أن يكون لدى الشاب السعودي دراية ولو بشكل بسيط عن العمل الذي سيقوم به من خلال برامج التعليم المحلية في الكليات والجامعات والمعاهد التقنية. وأضاف الراشد أن صندوق الموارد البشرية قدم دوراً كبيراً للشباب السعودي في التدريب والتأهيل وغيره ولكن بقي الدور الأكبر على الشركات المحلية التي اقتصر دورها على الاستفادة من هذا الصندوق بأخذ أموال طائلة بقصد التدريب، ولكن عند الاطلاع على برامجها التدريبية تجدها أحياناً تكون معدومة من ناحية تأهيلها وبعضها مجرد حبر على ورق ولا ينفذ منه شيء، واستبعدت الوسائل التي تمكن الشباب من الإبداع والابتكار وحب العمل، متسائلين في الوقت نفسه على من تقع مسؤولية عزوف الشباب السعودي عن العمل في القطاع الخاص وهو بأمس الحاجة إليه.
من جهة أخرى قال رئيس شركة التبريد السعودية عبدالحميد المنصور: إن إدارة الموارد البشرية إدارة حديثة ولم تطبق بالشكل المطلوب وخاصة أنها طبقت في بعض الشركات المحلية الكبرى مثل سابك وأرامكو السعودية وغيرها ونرى كوادر وطنية مؤهلة ومدربة توفق الكوادر الأجنبية، إذا تساءلنا لماذا هذه الشركات نجحت في استقطاب كوادر وطنية ودربتها وتفوق حالياً الكوادر الأجنبية؟
وأضاف المنصور أن هدف تحقيق السعودة وتأهيل الكوادر الوطنية مطلب أساسي وهناك أكثر من جهة مؤثرة على السعودة إلا أن التناغم بين هذه الجهات التي تتمثل في القطاع الخاص والجهات المسؤولة عن التوظيف وتحقيق السعودة مفقود.
وطالب بوجود جهة مركزية للتخطيط الاستراتيجي لمسألة السعودة، حيث أن مخرجات التعليم وهذا هو الطرف الأول في قضية السعودة بما أن مخرجات مؤسساتنا التعليمية لا تناسب سوق العمل لذلك رجال الأعمال في جميع أنحاء المملكة لا يقبلون بتوظيف الشباب وتدريبهم على حسابهم الخاص لأن ذلك يحمل بعض الشركات المتوسطة والمؤسسات مبالغ هائلة إضافة إلى ذلك أين العقود التي تضمن لي الشباب السعودي بعد تدريبه وتأهيله لسوق العمل أن يعمل لدى المؤسسة أو الشركة لمدة معينة حتى تستعيد الشركة ما تم صرفه على تدريب العمالة الوطنية؟
وقال المنصور: إن ضغوط التشريعات الحكومية في السعودة ساعدت على التوظيف الشكلي أو الوهمي، وذلك لتفادي ضغوطات مكتب العمل وتوقيف بعض الإجراءات فيه، مشيراً إلى أن بعض الشركات تقوم بتوظيف الشباب السعودي وظائف هامشية وليس لها علاقة بشكل مباشر بنشاط الشركة وهذا الأمر يتطلب رقابة من وزارة العمل والجهات المسؤولة عن تحقيق السعودة، وهذه الوظائف الهامشية تاتي للحصول على فيز عمالة من الخارج. وبيَّن المنصور أن حالات الاستغلال في توظيف الشباب السعودي كثيرة منها تقوم بعض المؤسسات والشركات بتوظيف الشباب السعودي للاستفادة من صندوق الموارد البشرية، ويصرف له نفس راتب الصندوق دون أن تدفع الشركة أي مقابل للموظف، وبهذه الطريقة كسبت الشركة المفاضلة في المشاريع الحكومية وخاصة أن المشاريع الحكومية لا يتقدم لها إلا من حقق نسبة كبيرة في السعودة.
وقال مدير القضايا بمكتب العمل والعمال بالمنطقة الشرقية عبدالمجيد النصير: إن نسبة القضايا العمالية المتعلقة بالسعودة تتجاوز 90بالمائة منها تجني من رب العمل لعدم رغبته في توظيف السعوديين، وتتدنى هذه النسبة في الشركات الكبرى بالمنطقة وقد تكون معدومة. وعن أسباب ارتفاع نسبة القضايا العمالية قال النصير: إن انعدام رغبة بعض الشركات في توظيف السعوديين والتجني عليهم بعدم الرغبة وأن ليس لديهم الإمكانيات اللازمة للعمل أدى إلى ازدياد القضايا في هذا المجال ولا شك أن دور إدارة الموارد البشرية في هذه الشركات كان ضعيفاً جداً وتعتبر مسيئة دون فعل، من المفترض أن تقوم هذه الإدارة بدور الأب والمرشد والتشجيع والتدريب والأهم من ذلك التحفيز من أجل الإبداع في العمل.
وأضاف النصير أن مستوى تكاليف المعيشة في العصر الحالي ارتفعت وهموم الموظفين زادت ونلاحظ أن دور إدارة الموارد البشرية في القطاع الحكومي والقطاع الخاص المتمثل في الشركات والمؤسسات المحلية ضعيف جداً مشيراً إلى أن تحقيق السعودة الكاملة في بعض الشركات المحلية المتوسطة عن طريق زيادة فعالية هذه الإدارة في القطاع.
وأكد خبراء اقتصاديون أن إدارة الموارد البشرية في الشركات المحلية لا تقوم بالدور المتعارف عليه في التدريب والتأهيل الذي يحقق السعودة بشكلها المطلوب مشيرين إلى أن تحقيق السعودة لا يتم بشكل مكتوب على ورق وأرقام تسجل في وزارة العمل بل يتحقق عن طريق هذه الإدارات إذا قامت بتشجيع وتحفيز الشباب السعودي على العمل مهما كانت ظروف العمل مهنية أو خدمية أو حرفية.
مواقع النشر (المفضلة)