العولمة.. بداية المشكلة
يفترض أن العولمة تزيد التدفقات المالية عبر الحدود، بما يؤدي لتوزيع المدخرات، ومن ثم الاستثمارات على نحو كفء في العالم، مقارنة بما يحدث في الماضي حينما اقتصر الاستثمار المحلى في معظم البلدان على المدخرات المحلية، إلا أن تلك العولمة تحمل على أرض الواقع تأثيرات سلبية على دول العالم، حيث تعرض الاقتصاد العالمي إلى أزمات عنيفة كتلك التي مر بها في العقديين الماضين.
فمع ارتباط الأسواق وحركات التدفق المالي، أصبحت عدوى عدم الاستقرار الاقتصادي تنتقل بالأزمات المالية من دولة إلى أخرى، وهذا ما ظهر في الأزمات المالية في آسيا عام 1997، وروسيا عام 1998، والبرازيل عام 1999. ولعل النظر في أسباب الأزمات المالية التي مر بها العالم، يساعد على فهم البيئة التي يحدث فيها انهيار البورصات، فعلى سبيل المثال ففي يومي 24 و29 أكتوبر 1929 انهارت بورصة نيويورك ؛ بسبب المضاربات الوهمية التي أدت إلى ارتفاع جنوني في أسعار الأسهم دون الرغبة في البيع والاستمرار في الشراء.
أيضا فإن أزمة ما يسمى بسوق المناخ بالكويت أثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات قد نشبت بسبب تزايد حجم المعاملات بالأجل بشكل مفاجئ، وتوقف المتعاملين عن دفع قيمة تعاملاتهم التي تعهدوا بها بالأجل، وخفض البنوك للقروض والتسهيلات الائتمانية، إلى جانب ضعف كفاءة الأجهزة الإدارية المسئولة عن إدارة السوق.
بدورها فإن أزمة المكسيك عام 1995 نتجت عن تخفيض الدولة لقيمة العملة الوطنية، مما أدى إلى الخروج السريع لرؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة في سوق المال بشكل أدى إلى انهيار البورصة. أما النمور الآسيوية فقد تعرضت لأزمة حادة في عام 1997؛ بسبب المضاربات الوهمية على سوق العقارات والأوراق المالية، وكانت كل أصول الدولة موجهة إلى الاستثمارات طويلة الأجل، مما شجع الاستثمار الأجنبي على الاستثمار في الأصول قصيرة الأجل، والاستثمار غير المباشر في الأوراق المالية.
وجدير بالذكر أن الملياردير جورج سورس استثمر بمبالغ طائلة في شراء الأوراق المالية، وقام بعملية بيع جماعي لاستثماراته ؛ مما ترتب عليه انخفاض حاد في قيمة الأصول؛ وهو ما أدى لانخفاض العملات الوطنية لدول النمور الآسيوية، ثم عاد واشترى في اليوم التالي عند السعر المنخفض فتحسنت الأسعار، ثم قام بعملية بيع أخرى؛ مما ترتب عليه تأكيد الانهيار.
مواقع النشر (المفضلة)